الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/ دية الانف

الثالث: الأنف إذا استؤصل الأنف أو قطع مارنه ففيه الدية كاملة (1) و في قطع روثته نصف ديته (2)

    1. مارن الانف هو ما لان من الانف كما في كتاب العين، وفي الصحاح انه طرف الانف اللين،

وذهب المشهور الى هذا الراي اي ثبوت الدية كاملة في قطع الانف واستئصاله وكذا في قطع المارن واختاره جماعة منهم الشيخ الطوسي في غير المبسوط

الراي الثاني في المسالة : للشيخ الطوسي في المبسوط والقاضي في المهذب وابن حمزة في الوسيلة والعلامة في التحرير والشهيد في الروضة على ما حكي عنهم

حيث ذهبوا الى انه في قطع المارن الدية كاملة وفي حالة استئصال الانف فقالوا في المارن دية كاملة وفي الزائد عليه الحكومة ومن هنا يظهر ان القولين لا يختلفان في قطع المارن وحده وانما يختلفان في قطع الانف اجمع واستئصاله فالمشهور ان فيه الدية كاملة ايضاً والشيخ الطوسي ومن تبعه ان فيه الدية والحكومة ويستدل للقول المشهور بروايات

الاولى صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ((في الانف إذا استؤصل جدعه الدية))[1]

الثانية موثقة سماعة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ((في الرجل الواحدة نصف الدية ، وفي الاذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها ، وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل ، وفي الانف إذا قطع الدية كاملة))[2]

الثالثة صحيحة هشام بن سالم التي تعطي القاعدة العامة ، قال : ((كل ما كان في الانسان اثنان ففيهما الدية ، وفي أحدهما نصف الدية ، وما كان فيه واحد ففيه الدية))[3]

وهذه الروايات تدل على ان في قطع الانف واستئصاله الدية كاملة وهناك روايات اخرى تدل على الجانب الاخر في قول المشهور

الاولى: صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) في الرجل يكسر ظهره ، قال : ((فيه الدية كاملة ، وفي العينين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية ، وفي الاذنين الدية ، وفي إحداهما نصف الدية وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية))[4]

وموضوع الحكم بالدية فيها هو المارن وهو غير موضوع الروايات السابقة

الثانية: موثقة سماعة الاخرى: مثله وزاد : (وإذا قطع طرفا منها قيمة عدل ، والعين الواحدة نصف الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية كاملة)[5] وموضوعها قطع المارن

الثالثة: رواية العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((إذا قطع الانف من المارن ففيه الدية تامة))[6] وفي سندها خدشة من جهة محمد بن سنان

الرابعة: صحيحة زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : (في اليد نصف الدية ، وفي اليدين جميعا الدية ، وفي الرجلين كذلك ، وفي الذكر إذا قطعت الحشفة فما فوق ذلك الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية)[7]

والسند ليس فيه مشكلة الا من ناحية القاسم بن عروة وقد اثبتنا وثاقته برواية احد المشايخ الثلاثة اللذين لا يروون الا عن ثقة عنه وهذه الروايات هي دليل قول المشهور لان ما يفهم منها ان قطع الانف اجمع فيه الدية كاملة وان قطع المارن لوحده فيه الدية كاملة واما القول الثاني فيستدل له بما ذكره السيد في الرياض من ان الزائد على المارن جارحة ذهبت بجناية ولا يقع من دية المارن شيء في مقابلها فالاكتفاء بالدية الكاملة فقط في حالة قطع الانف بتمامه يستلزم تفويت الجارحة على المجني عليه من دون بدل وهذا غير جائز وحيث ان الزائد على المارن لا تقدير له شرعاً فلا بد ان نذهب الى الحكومة ويلاحظ عليه بان هذا اشبه بالاجتهاد في مقابل النص باعتبار ان بعض النصوص المتقدمة يدل بشكل واضح على ان في قطع الانف واستئصاله الدية، وقطع الانف ظاهر في قطعه بتمامه بما فيه من مارن وهذه الروايات في مقام تحديد ماذا يجب على من قطع الانف بتمامه فهي تقول يجب عليه الدية وتسكت فتكون كالنص في انه اذا قطع الانف بتمامه الدية كاملة وحيث انها في مقام التحديد فهي تنفي ما زاد على ذلك وبعبارة اخرى ان موضوع الحكم بالدية كاملة في هذه الطائفة من النصوص هو قطع الانف بما فيه من المارن وحيث انها في مقام تحديد ما يجب على المكلف وحددت ان فيه الدية كاملة فتكون ظاهرة في نفي ما زاد عليها، ولا مانع من الالتزام بالتداخل اذا دل عليه دليل نعم ما يمكن ان يقال بأن هذه النصوص ظاهرة في الاختصاص بما اذا كان قطع الانف واستئصاله بجناية واحدة ولكن الظاهر انها لا تشمل ما اذا قطع المارن اولاً بجناية ثم قطع باقي الانف بجناية اخرى، فهنا لا يبعد ان يصح في هذا الفرض ما ذكره الشيخ الطوسي في المبسوط واتباعه بمعنى انه يجب عليه ان يدفع الدية كاملة بالاضافة الى الحكومة، عليه الدية كاملة لانه قطع المارن والحكومة لانه قطع باقي الاجزاء التي لا تقدير لها لان هذا الفرض استشكلنا في شمول الروايات له فقد حملنا النصوص التي تدل على ان في قطع الانف الدية كاملة تختص بما اذا قطعه بجناية واحدة

واذا قلنا بذلك فلا يفرق بين ان نقول انه في الجناية الثانية قطع تمام الباقي او قطع بعض الباقي

اما ان الروايات لماذا لا تكون شاملة لهذه الصورة فهو ان ظاهرها هو انه في جناية واحدة كما في قوله (في الانف اذا استؤصل الدية) وقوله (في قطع الانف الدية) فالظاهر انه يتحدث عن جناية واحدة وشمول هذه الروايات لما اذا كان قطع الانف بجنايتين غير واضح، وعليه فمقتضى القاعدة هو صحة ما ذكروه في هذا الفرض

بل قال في الجواهر: يمكن تنزيل كلام الشيخ ومن وافقه على ذلك فيرتفع الخلاف فلا مانع من ان يلتزم بما ذكروه في صورة تعدد الجناية

    2. الظاهر ان المشهور على ذلك كما في المسالك، وفي كشف اللثام هو مذهب الاكثر، خلافاً للشهيدين في اللمعة والروضة وتبعهم المحقق الكركي على ما حكي حيث ذهبوا الى ان فيها الثلث

ويظهر من المحقق في الشرايع والعلامة في القواعد وجود القائل به قبل الشهيدين لانهما ذكراه بعنوان وقيل وفي كشف اللثام لا نعرف قائله من الاصحاب، واحتملوا انه يقصد من المتقدمين دون المتاخرين واستدل للقول المشهور وهو ان فيه نصف الدية بالرواية التي حققناها سابقا والتي تنقل قضاء امير المؤمنين عليه السلام في باب الديات ولها اسانيد كثيرة وقد صححنا الرواية بالاسانيد التي تذكر على عرض الكتاب على الامام الرضا عليه السلام دون الروايات التي تذكر على عرضه على الامام الصادق عليه السلام على كل حال فقد صححنا الرواية التي ينقلها الشيخ الطوسي في التهذيب مفصلة والكليني في الكافي بمواضع متفرقة وينقلها الصدوق بتمامها بسند فيه شيء

)وفي الكافي عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ؛ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ جَمِيعاً قَالَا :

عَرَضْنَا كِتَابَ الْفَرَائِضِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام عَلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه‌السلام[8] ( ، فَقَالَ : « هُوَ صَحِيحٌ

والظاهر ان الذي عرضه على الامام (عليه السلام) هو يونس وابن فضال ثم يقول وعدة من اصحابنا (واستفدنا من العطف بان هذا طريق اخر للكتاب، فكأن الكليني يريد ان يذكر طريقين للرواية التي يذكرها) وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ ، عَنْ أَبِيهِ ظَرِيفِ بْنِ نَاصِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : عَبْدُ اللهِ بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الْمُتَطَبِّبُ ، قَالَ :

عَرَضْتُهُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، (قَالَ أَفْتى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام ، فَكَتَبَ النَّاسُ فُتْيَاهُ ، وَكَتَبَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلى أُمَرَائِهِ وَرؤُوسِ أَجْنَادِهِ ، فَمِمَّا كَانَ فِيهِ: ....)[9]

 

(الْأَنْفُ : فَإِنْ قُطِعَ رَوْثَةُ الْأَنْفِ ـ وَهِيَ طَرَفُهُ فَدِيَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ ؛ وَإِنْ أُنْفِذَتْ فِيهِ نَافِذَةٌ لَاتَنْسَدُّ بِسَهْمٍ أَوْ رُمْحٍ ، فَدِيَتُهُ ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَاراً وَثُلُثُ دِينَارٍ ؛ وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةٌ ، فَبَرَأَتْ وَالْتَأَمَتْ ، فَدِيَتُهَا خُمُسُ دِيَةِ رَوْثَةِ الْأَنْفِ : مِائَةُ دِينَارٍ ، فَمَا أُصِيبَ مِنْهُ فَعَلى حِسَابِ ذلِكَ ؛ وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةٌ فِي أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ إِلَى الْخَيْشُومِ ـ وَهُوَ الْحَاجِزُ بَيْنَ الْمَنْخِرَيْنِ ـ فَدِيَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ رَوْثَةِ الْأَنْفِ : خَمْسُونَ دِينَاراً ، لِأَنَّهُ النِّصْفُ ؛ وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةٌ فِي أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ أَوِ الْخَيْشُومِ إِلَى الْمَنْخِرِ الْآخَرِ ، فَدِيَتُهَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَاراً وَثُلُثَا دِينَارٍ)[10]

ومحل الشاهد فيها ان في قطع روثة الانف نصف الدية، نعم نستفيد منها انه يفسر روثة الانف بطرف الانف خلافاً لتفسيرات اخرى

[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح5، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح7، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص287، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح12، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص284، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح4، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح10، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص286، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح8، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح6، ط آل البيت.
[8] الكافي -ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص330.
[9] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص330.
[10] الکافی- ط دار الحدیث، الشيخ الكليني، ج14، ص434.