الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء/

(مسألة 281): إذا قلع العين الصحيحة من الأعور ففيه الدية كاملة، والمشهور قيّدوا ذلك بما إذا كان العور خلقة أو بآفة سماويّة، وأمّا إذا كان بجناية فعليه نصف الدية، وفيه إشكال، والأقرب عدم الفرق، كما انه لا فرق فيما اذا كان العور بالجناية بين ما اذا اخذ الاعور ديتها من الجاني وما اذا لم يأخذها وفي خسف العين العوراء ثلث الدية (1) من دون فرق في ذلك بين كونه أصليّاً أو عارضيّاً (2)

    1. اي ثلث دية العين وهو المشهور في مفتاح الكرامة اذا كانت عوراء ففيها ثلث الخمسمائة

وقد حكينا القول بان عليه ثلث ديتها صحيحة عما يزيد عن عشرين كتابة وحكينا اشهريته وشهرة الرواية به واكثرية القائل به عن عدة معتمدة من الكتب ونقلنا عليه الاجماع من الخلاف والغنية فيبدو من هذا ان المشهور يذهب الى ذلك

و استدل على هذا القول بصحيحة بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال (في لسان الاخرس وعين الاعمى وذكر الخصي وأنثييه ثلث الدية)[1]

وقلنا بانهم فهموا من ثلث الدية ثلث دية العين الصحيحة

القول الثاني: حكي عن المفيد ان فيها ربع دية العين وكذا حكي عن سلار، ويدل عليه رواية عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) في رجل فقأ عين رجل ذاهبة وهي قائمة ، قال : (عليه ربع دية العين)[2]

وهناك رواية اخرى مفادها يختلف وهي رواية عبدالله بن أبي جعفر ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) في العين العوراء تكون قائمة فتخسف ، فقال : (قضى فيها علي بن أبي طالب عليه‌السلام نصف الدية في العين الصحيحة)[3]

والروايتين الاخيرتين الدالتين على الربع وعلى النصف غير تامتين سندا ففي سندهما ضعف بابي جميلة المفضل بن صالح المشهور بالضعف وبعبد الله بن ابي جعفر وبعبد الله بن سليمان وهما مجهولان فالمعول على الرواية الاولى الدالة على ان فيها ثلث دية العين وهو الذي ذهب اليه المشهور

2- الوجه في ذلك هو اطلاق الدليل فان صحيحة بريد بن معاوية مطلقة ليس فيها ما يوجب التقييد

سواء كان العمى فيها اصليا او كان لعارض لاطلاق الدليل نعم قد يظهر من صحيحة ابي بصير ما يخالف ذلك اي ما يثبت الفرق بين كون العمى اصلياً وبين كونه عارضياً

أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس؟ فقال : (إن كان ولدته امه وهو أخرس فعليه ثلث الدية ، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فان على الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه ، قال : وكذلك القضاء في العينين والجوارح ، قال : وهكذا وجدناه في كتاب علي عليه‌السلام)[4]

وهذه الرواية حسب نقلها الشيخ الصدوق في الفقيه لها عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : ((سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس ، فقال : إن كان ولدته أمه وهو أخرس فعليه الدية ، وإن كان لسانه ذهب بوجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فأن على الذي قطع ثلث دية لسانه))[5]

ويظهر من الرواية وجود فرق بين كون النقص اصلي وبين كونه عارضي فقد يفهم منها وجود فرق بينهما الا ان مشكلة نقل الفقيه هو ان الشيخ الصدوق نقلها ولكن لا يوجد فيها جملة (وكذلك القضاء في العينين والجوارح) فلا يمكن ان نطبق هذا على محل الكلام في العينين فلعل هذا حكم مختص بلسان الاخرس، ففي محل الكلام لا مانع بان يقال بانه لا فرق بين ان يكون العمى اصلياً او عارضياً ومنه يظهر ان هذه الرواية بنقل الشيخ الصدوق لا يمكن جعلها مستنداً لما ذهب اليه الشيخ ابن ادريس من انه اذا كان العمى اصلياً ففيها الدية واذا كان عارضياً ففيها ثلث دية العين الصحيحة لان الشيخ الصدوق لم ينقل فقرة (وكذا القضاء في العينين والجوارح) حتى نطبق ما ذكر فيها على العينين

وقلنا بانه يظهر من هذا النقل وجود فرق بين كون العيب عارضياً وبين كونه اصلياً وفي الكافي نقل الرواية بشكل يخالف ما في الفقيه وهكذا في التهذيب فانهما نقلاها كما في الوسائل ويبقى الكلام في المراد من ثلث الدية في قوله (إن كان ولدته امه وهو أخرس فعليه ثلث الدية) ويوجد احتمالان في المقام:

الاحتمال الاول: ان يكون المقصود بثلث الدية في ما اذا كان النقص اصلياً هو ثلث الدية الكاملة، فحينئذ يثبت الفرق بين كونه اصلياً وبين كونه عارضياً لانه في العارضي قال ثلث دية لسانه، ولكن هذا الفرق بين ما اذا كان النقص اصلياً وبين ما اذا كان عرضياً يثبت فقط في العين وما يشبه العين مما تكون فيه الجوارح متعددة ولا يثبت في مثل اللسان الذي هو مورد الرواية لانه واحد في البدن ومعه يكون ثلث الدية الكاملة هو نفس ثلث دية اللسان فلا يبقى فرق بين الاصلي والعارضي ففي كل منهما يثبت ثلث الدية

وهذا محذور لانه اشبه باخراج مورد الرواية فان الرواية ظاهرة في الفرق بينهما

الاحتمال الاخر: وهو ما فهمه الفقهاء ان يكون المقصود بثلث الدية هو ثلث دية العضو الصحيح، وبناء على هذا حينئذ لا يبقى فرق بين ما اذا كان العمى اصلياً وبين ما اذا كان عرضياً

فان كان العمى خلقة فعليه ثلث دية العين الصحيحة، وان كان العمى عارضياً فان عليه ثلث دية عينه الصحيحة فلا يكون هناك فرق بين الاصلي وبين العارضي بناء على الموجود في ما في الكافي والتهذيب لكن هذا خلاف ظاهر الرواية باعتبار انها ظاهرة في التفصيل بينهما وحاول السيد الماتن في الشرح ان يبرر هذا بان التفصيل لعله لاجل التوضيح من دون فرق بين كونه اصلياً او عارضياً لكن هذا الكلام غير مقبول باعتبار ان التعبير العرفي عن ذلك يكون (فيه ثلث الدية سواء كان ذلك من حين ولدته امه او كان بعارض) والتفصيل ظاهر في عدم اشتراكهما في الحكم بل لعل الاتيان بهذه العبارة للتعبير عن عدم الفرق بينهما مستهجن وعلى كل حال فالصحيحة ظاهرة في التفصيل بينهما ووجود الفرق بين الحالتين الا ان الالتزام بالفرق بالنحو الموجود في نقل الفقيه اي ثبوت دية ذلك العضو في الاصلي وثلثه في العارضي لا ينفع في محل الكلام لاختصاصه بما نقله بلسان الاخرس كما عرفت فانه لم ينقل فقرة (وكذا القضاء في العينين والجوارح) على انه لم يلتزموا به في مورده فضلاً عن محل الكلام كما ان الالتزام بالفرق بينهما بالنحو المذكور في الكافي والتهذيب يستلزم الغاء الفرق في مورد الرواية اي لسان الاخرس وهو يشبه اخراج المورد واما الالتزام بان فيه ثلث دية العضو الصحيح مطلقاً، فهو يستلزم اشتراكهما في الحكم وهذا خلاف ظاهر الرواية، ومنه يظهر ان الصحيحة لا تخلو من اجمال فلا تصلح لتقييد صحيحة بريد بن معاوية

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص336، أبواب ديات الاعضاء، باب31، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص334، أبواب ديات الاعضاء، باب29، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص334، أبواب ديات الاعضاء، باب29، ح1، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص336، أبواب ديات الاعضاء، باب31، ح2، ط آل البيت.
[5] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج4، ص148.