الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/03/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء

الثاني: العينان وفيهما الدية كاملة و في كلّ منهما نصف الدية، ولا فرق في ذلك بين العين الصحيحة والعمشاء والحولاء والجاحظة والمشهور أنّ في الأجفان الأربعة الدية الكاملة وفيه إشكال، والأقرب العدم بل أنّ في الجفن الأعلى ثلث دية العين، وهو مائة وستّة وستّون ديناراً وثلثا دينار، وفي الجفن الأسفل نصف دية العين، وهو مائتان وخمسون ديناراً (1)ذكرنا بانه بناء على تصحيح رواية السكوني سوف تتغير النتيجة في بحث اللحية، فينبغي ان نلتزم بمضمون رواية السكوني في حلق اللحية مع عدم الانبات وان الثابت فيه هو الدية كاملة وايضا يتاثر بذلك بحث حلق شعر الراس مع عدم الانبات فقد استدل على ان فيه الدية كاملة برواية سليمان بن خالد وقد نقلها في الفقيه مختصة بشعر الراس وفي التهذيب نقلها بزيادة عطف شعر اللحية على شعر الراس ومن هنا اتى الاشكال الذي اثاره الشهيد الثاني من انها ظاهرة في ان الدية الكاملة عليهما معاً وقلنا بانه اذا كانت الواو في نقل التهذيب بمعنى (او) يصح الاستدلال بها على ثبوت الدية كاملة في حلق شعر الراس مع عدم الانبات، ولكن قلنا بان هذا يحتاج الى قرينة وذكر السيد الخوئي بان القرينة على ذلك هو ما دل على ثبوت الدية كاملة في حلق اللحية مع عدم الانبات مما يعني ان ثبوت الدية كاملة في حلق اللحية لا يتوقف الى انظمام حلق شعر الراس اليها، وقلنا بان هذه القرينة صحيحة اذا وجد دليل على ثبوت الدية كاملة في حلق اللحية واستشكلنا في ذلك سابقاً لان الدال على ذلك هو رواية مسمع ورواية السكوني وكل منهما فيه اشكال سندي، فاذا رفعنا اليد عن الاشكال في رواية السكوني يرتفع هذا الاشكال فسوف يثبت انه في حلق اللحية مع عدم الانبات الدية كاملة وفي حلق شعر الراس مع عدم الانبات بمقتضى رواية سليمان بن خالد الدية كاملة فتتغير هذه النتائج

    1. كان الكلام في الاجفان الاربعة وفي تقدير كل جفن على حدة

القول الاول: ما اختاره السيد الماتن انه في الجفن الاعلى ثلث دية العين وفي الاسفل نصف دية العين ونسب الى المشهور

القول الثاني: في كل واحد ربع الدية

في الاعلى ثلثا الدية وفي الاسفل الثلث

واستدل للقول الاول برواية ابي عمرو المتطبب فالوارد فيها (قال : أفتى أمير المؤمنين عليه‌السلام فكتب الناس فتياه ، وكتب به أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى امرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه : إن اصيب شفر العين الاعلى فشتر فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، وإن اصيب شفر العين الاسفل فشتر فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون ديناراً))[1]

فهي صريحة في القول الاول وهي صحيحة السند وتوجد ملاحظتان على الاستدلال بها: اولا ان الاستدلال بالرواية مبني على ان يراد من شفر العين الجفن وهذا ليس واضح ولا اقل من انه محل تشكيك لان الظاهر من كلمات بعض اللغويين ان الشفر طرف جفن العين ففي الصحاح الشفر بالضم واحد اشفار العين وهي حروف الاجفان اي اطراف الاجفان التي ينبت عليها الشعر وهو الهدب وحرف كل شيء شفره وشفيره ابن الاثير في النهاية الشفر بالضم وقد يفتح حرف جفن العين الذي ينبت عليه الشعر في مجمع البحرين الشفر واحد اشفار العين وهي حروف الاجفان التي ينبت عليها الشعر وهو الهدب ويظهر من هذه العبارات ان الاشفار هي اطراف الاجفان التي ينبت عليها الشعر لا نفس الاجفان ولا الاهداب لان المراد بالاهداب هي الشعو رالنابتة على اطراف الاجفان في الصحاح وهدب العين ما نبت من الشعر على اشفارها ومن هنا لا وجه لتفسير الشفر بالهدب كما في الصحاح وعلى كل حال ففي الجواهر احتمال ان تكون الدية في هذه الرواية بهذا التقدير في اشفار الاجفان لا في نفس الاجفان لان فيها اجمع الدية كاملة ارباعاً،

الثانية: ان الرواية ظاهرة في ان ما ذكر فيها من الدية انما هو على شتر شفر العين، والشتر هو انقلاب في جفن العين على ما ذكر اهل اللغة كما في الصحاح فحينئذ كيف يستدل بها على ان في قطع الجفن الاعلى الدية المذكورة فيها ونصف دية العين على قطع الجفن الاسفل

وحاول السيد الخوئي الاجابة عن الملاحظة الثانية بما يرجع الى جوابين:

الاول: انه لاخصوصية للشتر بل الظاهر شمولها لصورة قطعه ايضاً

وثانياً: حتى لو اختصت بشتره يمكن اثبات الحكم في قطع الجفن بالاولوية القطعية

ولا يخفى ما في هذين الجوابين: اما الجواب الاول فلكون الخصوصية محتملة ولا جزم بعدم الخصوصية لاحتمال ان تكون هذه الدية المذكورة في الرواية التي هي اقل من الدية الكاملة على شتر الاجفان، وتكون الدية على قطع الاجفان هو ما ذكره الشيخ الطوسي من ان الدية في قطعها الدية كاملة وتقسم ارباعاً واما ما ذكره من ظهور الرواية في شمولها لصورة القطع فهو عجيب اذ ليس فيها ما يشير الى شمولها لصورة القطع واما الجواب الثاني فهو انما يتجه لو كانت الرواية تثبت دية كاملة على شتر الاجفان فتدل على الدية في قطع الاجفان لان الزيادة منفية، ولكن ما تثبته الرواية هو ما يكون انقص من الدية الكاملة بمقدار السدس فكيف تدل بالاولوية القطعية على ثبوت نفس ذلك المقدار في قطع الاجفان فلا تدل لاحتمال ان يكون الثابت في قطع الاجفان الدية الكاملة ومن هنا يوجد مجال للتأمل في الاستدلال بهذه الرواية على ثبوت القول الاول

القول الثاني: ان فيها الدية كاملة وتقسم ارباعاً فاستدل له بصحيحة هشام بن سالم المتقدمة قال : ((كل ما كان في الانسان اثنان ففيهما الدية ، وفي أحدهما نصف الدية))[2]

بالتقريب المتقدم بان ينزل كل جفنين بمنزلة الواحد فيكون في الانسان جفنان فينطبق عليه الصحيحة كل ما كان فيه اثنان ففيهما الدية كاملة وفي كل واحد نصف الدية، ونصف الدية يوزع على الجفنين الاعلى والاسفل فلكل واحد منهما ربع الدية وهذا الدليل فيه ما لا يخفى باعتبار ان حساب كل جفنين بمنزلة واحد عناية وهي مخالفة للواقع ففي الواقع هناك اربعة اجفان ومن دون ان تكون قرينة على هذا التنزيل فالمقام لا يدخل في صحيحة هشام بن سالم بعظهم استدل بان ثبوت الدية الكاملة في الاجفان الاربعة مسلم للاجماع المدعى من قبل الشيخ الطوسي وغيره وحينئذ توزع على الاجفان بالتساوي، بل ان التوزيع بالتساوي هو الذي يتبادر الى الذهن في هكذا حالات عندما يدل دليل على ان في الاجفان الاربعة الدية كاملة وهذا فيه ما تقدم من ان الاجماع غير ثابت وعلى تقدير ثبوته هو اجماع مدركي يحتمل ان يستند الى ادخال المقام في صحيحة هشام بن سالم بدعوى ان كل جفنين بمنزلة واحد واما القول الثالث فلا دليل عليه بالرغم من ان الشيخ الطوسي ادعى ان عليه اجماع الفرقة واخبارهم وهذا عجيب اذ لا دليل عليه اطلاقا ولا اجماع عليه، ومن هنا لا يبعد ان يكون ما ذكره الشيخ الطوسي اشتباه بقينة انه ذكره في موضع من الخلاف وفي موضع اخر منه ذكر القول الاول وفي المبسوط اختار القول الثاني ولعل هذا قرينة على ان ما ذكره في القول الثالث اشتباه بان نقول ان مرجعه الى القول الاول بان يكون قوله (في الجفن الاعلى ثلثا دية العين) هذا اشتباه والصحيح ثلث دية العين وقوله في الاسفل الثلث الصحيح النصف ومن هنا يتبين ان هذه الاقوال الثلاثة يشكل اثباتها بدليل واضح وعمدتها القول الاول الذي دليله رواية صحيحة وقلنا ان في دلالتها عليه تأمل

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص289، أبواب ديات الاعضاء، باب2، ح3، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص287، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح12، ط آل البيت.