الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/02/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء

و في شعر الحاجب إذا ذهب كلّه فديته نصف دية العين: مائتان وخمسون ديناراً، وإذا ذهب بعضه فعلى حساب ذلك (1)

ما ذكره في في المتن في كل من الفرضين -ذهاب تمام شعر الحاجب وفرض ذهاب بعضه- قال في الرياض وفاقاً للاكثر بل ادعى الشهرة عليه جمع ممن تأخر وفي السرائر الاجماع عليه خلافاً للشيخ في المبسوط والسيد ابن زهرة في الغنية وقطب الدين الكيدري في اصباح الشيعة حيث ذهبوا الى ان فيهما -الحاجبين- الدية وفي كل واحد منهما نصفها

ونسبة هذا القول الى الشيخ الطوسي في المبسوط ليست واضحة فانه لم يذكر ان في كل واحد منها نصف الدية فعبارته هي: (فاما اللحية وشعر الرأس والحاجبين فانه يجب فيه عندنا الدية) [1] ولازم هذا انه يرى انه في احد الحاجبين نصف الدية وهذا خلافاً للمشهور ويظهر من عبارته الاجماع لانه قال عندنا

على كل حال استدل للقول الاول انه يجب اذا ذهب تمام شعر الحاجب الواحد نصف دية العين و وإذا ذهب بعضه فعلى حساب ذلك

برواية ابي عمرو (او عمر) المتطبب في الكافي عن العدة، عن سهل ، عن الحسن بن ظريف ، عن أبيه ظريف بن ناصح عن عبدالله بن أيوب ، عن أبي عمرو المتطبب ، قال : عرضته على أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((أفتى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) فكتب الناس فتياه ، وكتب به أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى امرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه : إن اصيب شفر العين الاعلى فشتر فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، وإن اصيب شفر العين الاسفل فشتر فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون ديناراً ، وإن اصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون ديناراً ، فما اصيب منه فعلى حساب ذلك))[2]

والذي يبدو من كلماتهم في هذه الرواية هو ان هناك كتاب يشتمل على رواية ممنقولة عن امير المؤمنين (عليه السلام) تتضمن بيان الديات في الاعضاء وغيرها وهي رواية طويلة كما يظهر من الفقيه والتهذيب ويظهر منهم ان هذا الكتاب والرواية كانت مشهورة ومعروفة بينهم وممن دون هذه الرواية في كتاب على ما قالوا ظريف بن ناصح، وهو ممن روى عن الصادق عليه السلام وعن جماعة من اصحابه قال عنه النجاشي كان ثقة في حديثه صدوقا ونص على ان له كتاب الديات وقال رواه جماعة من اصحابنا

والشيخ الطوسي نص على ان له كتاب الديات وذكر طرقه الى الكتاب وهي طرق صحيحة

والذي يظهر من الروايات ان الكتاب الذي يتضمن تلك الرواية عرض على الامام الصادق والامام الرضا عليه السلام

الاخبار التي تدل على انه عرض على الامام الصادق عليه السلام عديدة وكل هذه الاخبار تدل على ان المعروض على الامام ليس هو كتاب ظريف بن ناصح بل الرواية التي تتضمن هذه الاحكام في باب الديات

لان الرواية التي قراناها صريحة في ان الذي عرض على الامام الصادق هو ابو عمرو المتطبب ووقع في سند هذه الرواية ظريف بن ناصح اي ان ظريف بن ناصح يروي ان المتطبب عرض الرواية على الامام فلا بد ان يكون المعروض على الامام ليس هو كتاب ظريف بن ناصح وانما الرواية التي تتضمن احكام الديات

الروايات التي تتضمن العرض عل الامام الصادق في الكافي و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف ابن ناصح قال: حدثني رجل يقال له: عبد الله بن أيوب قال: حدثني أبو عمرو المتطبب قال: عرضته على أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (أفتى أمير المؤمنين عليه السلام فكتب الناس فتياه وكتب به أمير المؤمنين إلى أمرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه إن أصيب شفر العين الاعلى فشتر .... وإن أصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون دينارا، فما أصيب منه فعلى حساب ذلك )[3]

وظاهر هذا السند ان الذي عرضه على الامام الصادق هو ابو عمرو المتطبب فيبدو ان الذي عرض ليس هو كتاب ظريف بن ناصح وانما هو كتاب اخر او الرواية المروية عن امير المؤمنين (عليه السلام)

وفي الفقيه روى الحسن بن علي بن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن عبد الله بن أيوب قال : حدثني الحسين الرواسي ، عن ابن أبي عمر الطبيب قال : (عرضت هذه الرواية على أبي عبد الله (عليه‌السلام) فقال : نعم هي حق وقد كان أمير المؤمنين (عليه‌السلام) يأمر عماله بذلك :

.... وان اصيب الحاجب فديته نصف دية العين ...))[4]

وظاهرها ان الذي عرض الرواية هو ابو عمر المتطبب او ابن ابي عمر لا ظريف بن ناصح والمعروض ليس كتاب ظريف بن ناصح

والشيخ الطوسي في التهذيب ايضا ذكر العرض على الامام الصادق عليه السلام سهل بن زياد عن الحسن بن ظريف عن ابيه ظريف ابن ناصح قال : حدثني رجل يقال له عبد الله بن ايوب قال : حدثني أبو عمرو المتطبب قال : عرضت هذه الرواية على ابي عبد الله عليه‌السلام فقال : ((افتى امير المؤمنين (عليه‌السلام) فكتب الناس فتياه وكتب امير المؤمنين عليه‌السلام به إلى امرائه ورؤوس اجناده فمما كان فيه : ان اصيب شفر العين الاعلى فشتر فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، وان اصيب شفر العين الاسفل فشتر فديته نصف دية العين مائتان وخمسون دينارا ، وإن أصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون دينارا ، فما اصيب منه فعلى حساب ذلك))[5]

وظاهرها ان الذي عرضها على الامام هو ابو عمرو وان المعروض هو رواية ابي عمر لا كتاب ظريف بن ناصح

وصاحب الوسائل عندما نقل هذه الرواية عن التهذيب وذكر طرق الشيخ الطوسي للرواية في نهايتها قال

وبإسناده عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن ظريف ، عن أبيه ظريف بن ناصح ، قال : عرضت هذه الرواية على أبي عبدالله (عليه‌السلام) هذه العبارة لو صحت فظاهرها ان الذي عرض الرواية هو ظريف بن ناصح

ولعل احد الامور التي اوجبت الاشتباه ان الذي عرض الرواية هو ظريف بن ناصح هو هذا

بينما الموجود في التهذيب (محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن ظريف بن ناصح ، وروى احمد بن محمد بن يحيى عن العباس بن معروف عن الحسن بن علي بن فضال عن ظريف ابن ناصح ، وعلي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن فضال عن ظريف بن ناصح ، وسهل ابن زياد عن الحسن بن ظريف عن ابيه ظريف بن ناصح ، ورواه محمد بن الحسن بن الوليد عن احمد بن ادريس عن محمد بن حسان الرازي عن اسماعيل بن جعفر الكندي عن ظريف بن ناصح قال : حدثني رجل يقال له عبد الله بن ايوب قال : حدثني أبو عمرو المتطبب قال : عرضت هذه الرواية على ابي عبد الله عليه‌السلام)[6]

فالسند الذي نقله في الوسائل وسهل ابن زياد عن الحسن بن ظريف عن ابيه ظريف بن ناصح قال، ليس كما ذكره في الوسائل لان الموجود في التهذيب ان الذي عرض الرواية هو ابو عمر المتطبب لا ظريف بن ناصح كما توهمه عبارة صاحب الوسائل

ويبدو ان هذه الروايات بكل الطرق التي ذكرناها كلها ضعيفة بسهل بن زياد فلم تثبت وثاقته وعبد الله بن ايوب المشترك بين الاسدي الكوفي من اصحاب الامام الصادق وهو مجهول وبين ابن الراشد الزهري الذي نص النجاشي على وثاقته وفي مشتركات الكاظمي يعرف انه الثقة برواية عبيس عنه والقاسم بن اسماعيل عنه وهذا غير موجود في المقام فلا يمكن التعيين وهي ضعيفة بابي عمرو او ابو عمر المتطبب فهو مجهول وهناك روايات اخرى تتضمن عرض هذه الرواية على الامام الرضا (عليه السلام) وهي العمدة منها ما ذكره في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، ومحمد بن عيسى، عن يونس جميعا قالا: عرضنا كتاب الفرائض عن أمير المؤمنين (عليه السلام) على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال: هو صحيح[7]

والذي عرض الكتاب على الامام الرضا (عليه السلام) في هذه الرواية هو يونس وابن فضال كلاهما ومحمد بن عيسى في السند معطوف على ابيه (ابراهيم بن هاشم) فالرواية لها طريقان

الاول: علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن فضال

والثاني: علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس

وهذا واضح باعتبار ان السند الثاني يتكرر في الكافي فعلي بن ابراهيم يرويها بطريقين

وسند الرواية صحيح وهي تتضمن عرض كتاب الفرائض عن امير المؤمنين (عليه السلام) على الامام الرضا (عليه السلام)

الرواية الثانية ذكرها في الكافي علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، وعن أبيه، عن ابن فضال جميعا، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال يونس: عرضت عليه الكتاب فقال: هو صحيح، وقال ابن فضال: قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام إذا أصيب الرجل في إحدى عينيه فإنها تقاس ببيضة تربط على عينيه المصابة وينظر ما ينتهي بصر عينه الصحيحة .... )[8]

وفي هذه الرواية الذي عرض الكتاب هو يونس ( قال يونس عرضت الكتاب عليه فقال هو صحيح وقال ابن فضال .. ) وهذه الرواية بالمقدار الذي نقله الشيخ الكليني منها ليس فيه فقرة الاستدلال

 


[1] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج7، ص153.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص289، أبواب ديات الاعضاء، باب2، ح3، ط آل البيت.
[3] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص330.
[4] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج4، ص75.
[5] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج10، ص258.
[6] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج10، ص295.
[7] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص330.
[8] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص324.