الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/02/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء

الأوّل: الشعر ففي اللحية إذا حلقت فإن نبتت ففيه ثلث الدية، وإن لم تنبت ففيه الدية كاملة وفي شعر الرأس إذا ذهب فإن لم ينبت ففيه الدية كاملة، و إن نبت ففيه الحكومة (1)، وفي شعر المرأة إذا حلق فإن نبت ففيه مهر نسائها، وإن لم ينبت ففيه الدية كاملة (2)

    1. الذي يظهر من كلماتهم ان هناك اقوال في المسألة

القول الاول: الارش او الحكومة وهذا هو الاظهر الاشهر بل عليه عامة من تأخر كما في الرياض، وفي الجواهر وفاقا للشيخ في النهاية وبني حمزة وادريس وسعيد والفاضل والشهيدين وغيرهموذكر الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة الارش لكن قالوا على ما يراه الامام، وهذا قول اخر غير القول بالارش مطلقا فيكون هذا قول ثاني يبدو ان القول الاول هو الصحيح في المقام كما هو الحال في اللحية باعتبار ان الارش هو الاصل في ما لا مقدر له غاية الامر انه في شعر الرأس مع الانبات لا يوجد رواية وفي اللحية وان وجدت الرواية التي حددتها مع الانبات ثلث الدية ولكن ناقشنا في سندها وانتهينا الى انه يثبت فيه الارش وعبارة السيد الماتن (وان نبت ففيه الحكومة ) والظاهر ان المراد من الحكومة هو الارش لانه يسمى بالحكومة كما صرحوا بذلك، ولعل مقصوده الرجوع الى الحاكم فيكون هذا قولاً آخر في المسألة لأن رأيه في ما لا مقدر له الرجوع الى الحاكم مطلقاً خلافاً للمشهور الذي فصل بين ما اذا اوجبت الجناية التفاوت في القيمة او لا فيمكن ان يكون مقصوده من الحكومة الرجوع الى الحاكم وقال في الشرح وجهه ما تقدم ان كل مورد لا مقدر فيه للدية شرعاً فالمرجع فيه الى الحكومة، وقد صرح بان رايه الرجوع الى الحاكم في كل ما لا مقدر له شرعاًوالصحيح ان فيه الارش لاننا وافقنا المشهور في هذا التفصيل فاذا احدثت الجناية تفاوتاً فالمرجع الى الارش وان لم تحدث تفاوتاً فالمرجع الى الحاكم كما يقول به السيد الخوئي اللهم الا ان نفترض ان مثل هذه الجناية لا تحدث تفاوتاً فالمرجع الى الحاكم

    2. ذكر في الرياض (بلا خلاف اجده الا من الاسكافي في الثاني فاثبت فيه ثلث الدية) والمقصود من الثاني هو ما اذا نبت، ومن هنا نستظهر ان ثبوت الدية كاملة مع عدم الانبات لا خلاف فيه حتى من الاسكافي

واستدل له برواية عبد الله بن سنان التي رواها الكليني في الكافي والشيخ في التهذيب

نقلها في الوسائل عن التهذيب محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن سليمان المنقري (الظاهر ان هذا تصحيف فلا يوجد هكذا اسم فالصحيح هو سليمان المنقري)

عن عبدالله بن سنان ، قال : قلت لابي عبدالله (عليه‌السلام) : جعلت فداك ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها؟ قال : ((يضرب ضربا وجيعا ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرأ شعرها ، فان نبت اخذ منه مهر نسائها ، وإن لم ينبت اخذ منه الدية كاملة ، قلت : فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها؟ فقال : يا ابن سنان إن شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال ، فاذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كملا))[1]

وهي موجودة في التهذيب وينقلها في الكافي ايضا عن علي، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ((أخبرني عن القواد ما حده؟ قال: لا حد على القواد أليس إنما يعطى الاجر على أن يقود؟ قلت: جعلت فداك إنما يجمع بين الذكر والأنثى حراما، قال: ذاك المؤلف بين الذكر والأنثى حراما؟ فقلت: هو ذاك جعلت فداك، قال: يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني خمسة وسبعين سوطا وينفى من المصر الذي هو فيه، فقلت: جعلت فداك فما على رجل الذي وثب على امرأة فحلق رأسها قال: يضرب ضربا وجيعا ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرء شعرها فإن نبت اخذ منه مهر نسائها وإن لم ينبت اخذت منه الدية كاملة خمسة آلاف درهم، فقلت: فكيف صار مهر نسائها إن نبت شعرها؟ قال: يا ابن سنان إن شعر المرأة وعذرتها يشتركان في الجمال فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كاملا))[2]

والشيخ الطوسي في التهذيب روى المقطع الاول منها في باب الحدود ونقل المقطع الاول ايضاً في الفقيه في كتاب الحدود واكتفى به فالمقطع الذي يراد الاستدلال به موجود في التهذيب والكافي اما سند الكافي فلا مشكلة فيه الا من جهة محمد بن سليمان فان كان المقصود به البصري الديلمي المذكور في الاسانيد فقد ضعفه النجاشي والشيخ وابن الغضائري، والمكتوب في الفقيه المصري والظاهر انه تصحيف للبصري واما اذا اريد به شخص اخر يكون مجهولاً، فالموجود في السند اما ضعيف او مجهول ومن هنا فسند الرواية في الكافي مشكل واما سند التهذيب فهو رواها في كتاب الحدود بسند فيه نفس مشكلة سند الكافي، ولكنه نقلها في كتاب الديات والسند ليس فيه مشكلة الا من جهة سليمان المنقري وبنى السيد الخوئي (قده) وغيره على صحة الرواية لانه يقول ان سليمان المنقري نص النجاشي على وثاقته فقد ترجمه وقال وكان ثقة وان كان يشير في عبارته الى انه ليس منا وعلى هذا الاساس عبر بعضهم عن الرواية بالموثقة، ولكن المشكلة ان هذا التوثيق معارض بتضعيف ابن الغضائري فعند من يبني على الاخذ بتضعيفات وتوثيقات ابن الغضائري فلا يمكنه الاخذ بهذا التوثيق فانه يكون هذا الشخص ممن تعارض فيه التوثيق والتضعيف فيسقطان، فلا دليل على وثاقته ونعتمد في كلام ابن الغضائري على نقل العلامة في الخلاصة فقد نقل انه قال ضعيف جدا وكذا نقل تضعيفه ابن داوود ولذا ذكره هذان العلمان في القسم الثاني من كتابيهما بالرغم من ان النجاشي وثقه وتوثيقه بمراى ومسمع منهما، والقهبائي في مجمع الرجال وهو الذي نعتمد عليه في النقل عن كتاب ابن الغضائري الذي عثر عليه السيد ابن طاووس والظاهر ان هذا كله وصل الى هؤلاء الاعلام الثلاثة من السيد ابن طاووس فالذي يرى كفاية هذا لاثبات تضعيف ابن الغضائري له وان الكتاب الذي ينقل عنه هؤلاء هو كتاب ابن الغضائري فلا بد ان يتوقف في المقام لان توثيق النجاشي معارض بتضعيف ابن الغضائري واما السيد الخوئي فهو يقول باننا لا نعلم بان العلامة يملك طريقا الى ابن الغضائري، وان نسبة الكتاب الى ابن الغضائري غير معلومة وقد اجبنا عن هذين الاشكالين في بحث مستقل عن ابن الغضائري ونحن قلنا بان العلامة وابن داوود يعتمدان على النسخة التي عثر عليها السيد ابن طاووس من كتاب ابن الغضائري وذكر ذلك في التحرير الطاووسي والقهبائي عثر على هذه النسخة وفيها علامات على انها النسخة التيي عثر عليها ابن طاووس فاستخرج منها ودون ما فيها في كتابه وقلنا بان السيد ابن طاووس على جلالته وعظمته واحاطته بكتب الرجال حيث انه امتلك مكتبة ضخمة وواسعة فعندما ياتي الى هذا الكتاب ويقطع بان هذا كتاب ابن الغضائري بحيث ينقل عنهثم ياتي العلامة على مقامه العلمي العالي وابن داوود الرجالي المتضلع الخبير مع جلالتهما ويعتمدون على نسخة ابن طاووس فلا يمكن انهما اعتمدا عليها تقليدا للسيد ابن طاووس فلا بد انه حصل لهم اطمئنان على ان هذه هي نسخة ابن الغضائري وعلى كل حال جزم السيد ابن طاووس على ان هذه هي نسخة ابن الغضائري مع تصريحه بانه لا يملك طريقا لها وانها وصلته مع قرائن تورث الجزم بانها كتاب ابن الغضائري ومن هنا فالظاهر ان من يبني على هذا الشيء لا بد ان تكون الرواية بسند الشيخ الطوسي في التهذيب ليست تامة لوجود سليمان المنقري فيها وهو ممن تعارض فيه التوثيق والتضعيف وبناء على هذا لا بد ان نرجع الى مقتضى القاعدة في شعر المرأة سواء نبت شعرها او لم ينبت شعرها فنرجع الى الارش اللهم الا ان يثبت الاجماع على هذه المسألة

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص335، أبواب ديات الاعضاء، باب30، ح1، ط آل البيت.
[2] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص261.