الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/02/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ديات الأعضاء

الأوّل: الشعر ففي اللحية إذا حلقت فإن نبتت ففيه ثلث الدية، وإن لم تنبت ففيه الدية (1)

    1. اكملنا الكلام عن صورة ما اذا حلقت اللحية ثم نبتت، واما مع عدم الانبات فذكر ان فيه الدية كاملة قلنا يدل على ذلك رواية مسمع ووالسكوني وصحيحة سليمان بن خالد

دلالة رواية مسمع والسكوني على ذلك واضحة فقد صرح فيهما (اذا لم تنبت ففيه الدية ) ولكن الاشكال السندي فيهما على ما تقدم

واما صحيحة سليمان بن خالد فهي مروية في التهذيب والفقيه بنحوين ففي التهذيب[1] باسناده عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين عن جعفر ابن بشير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) رجل دخل الحمام فصب عليه ماء حار فامتعط شعر راسه ولحيته فلا ينبت ابدا قال ((عليه الدية))

وفي الفقيه[2] روى جعفر بن بشير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) ((رجل صب ماء حار على رأس رجل فامتعط شعره فلا ينبت أبدا ، قال : عليه الدية)) فلا يوجد ولحيته، وسندها صحيح في التهذيب والفقيه

وكان الاستدلال بنقل الشيخ الطوسي في التهذيب لان كلامنا في اللحية مع عدم الانبات وهذه الرواية تامة سندا لكنها مروية في الفقيه من دون ذكر اللحية فاذا كان الاستدلال برواية التهذيب التي ذكر فيها اللحية، فالظاهر انها رواية واحدة خصوصا مع اتحاد السند تقريبا وكون الراوي واحد والمسؤول واحد فالامر يدور بين ان يكون ذكر اللحية زائداً في التهذيب وبين ان يكون ساقطاً في الفقيه ولا مرجح لاحدهما على الآخر على ما تقدم مراراً وقد يقال لدفع هذا الاشكال بان اللحية مذكورة حتى في نقل الفقيه لانه قال (فامتعط شعره) فاذا ارجعنا الضمير الى راس الرجل تكون الرواية خاصة بشعر الراس واما اذا ارجعنا الضمير الى الرجل فشعر الرجل يشمل شعر الرجل وشعر اللحية فمفاد النقلين واحد ولا تعارض بينهما ولكن يبقى هذا مجرد احتمال، ان لم يتم استظهار رجوع الضمير الى الرجل ونضيف ان المقصود مطلق شعر الرجل فيبقى هذا مجرد احتمال لان في مقابله احتمال ان يكون الضمير راجعاً الى رأس الرجل ثم حتى لو فرضنا اتحاد مدلول النقلين فقد اشار الشهيد في المسالك بان الاستدلال بالرواية مشكل لانها تدل على وجوب الدية لهما معاً لا لكل واحد منهما والمدعى هو الثاني اي ثبوت الدية لسقوط شعر اللحية مع عدم الانبات بل قد يقال بدلالتها على ثبوت الدية لهما في خصوص ما اذا كان ذهابهما بعمل واحد كما هو ظاهر الرواية لا في ما اذا كان ذهاب كل واحد منهما بعمل منفرد وذكروا ان هذا يمكن التغلب عليه بافتراض ان الواو في (ولحيته) بمعنى (او) ولكن هذا لا شاهد عليه فلعل مجموعهما يكون هو المؤثر في ثبوت الدية كاملة الا ان يستظهر ولو بقرينة الروايات الاخرى ان الواو بمعنى او واذا لم يتم الاستدلال على ثبوت الدية كاملة مع عدم انبات اللحية فهناك طريق اخر لاثبات هذا الحكم اشار اليه العلامة في المختلف وغيره ذكره ايضا وهو التمسك بقاعدة مستفادة من الروايات وهي (كل ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية كاملة وكل ما فيه اثنان ففيهما الدية وفي كل واحد منهما النصف) وهذه القاعدة يدعى انه تنطبق في محل الكلام بتطبيق الحكم الاول في القاعدة على شعر اللحية فيقال ان شعر اللحية واحد ففيه الدية كاملة والكلام يقع اولاً في اصل القاعدة وثانياً في تطبيقها في محل الكلام اما الاول فالقاعدة تشتمل على احكام ثلاثة الحكم الاول كل ما كان في الانسان منه واحد ففيه الدية كاملة الحكم الثاني كل ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية كاملة الحكم الثالث: كل ما كان في الانسان منه اثنان ففي كل واحد منهما نصف الدية

واستدل عليها ببعض الروايات واهم الروايات التي تدل على القاعدة بجميع احكامها المتقدمة هي صحيحة هشام بن سالم التي رواها الشيخ الطوسي باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن خالد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : (كل ما كان في الانسان اثنان ففيهما الدية ، وفي أحدهما نصف الدية ، وما كان فيه واحد ففيه الدية)[3]

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام)

والرواية الثانية صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : (ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية ، مثل اليدين والعينين ، قال : قلت : رجل فقئت عينه؟ قال : نصف الدية ، قلت : فرجل قطعت يده؟ قال : فيه نصف الدية ، قلت : فرجل ذهبت إحدى بيضتيه؟ قال : إن كانت اليسار ( ففيها ثلثا الدية ) ، قلت : ولم؟ أليس قلت : ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية؟! فقال : لان الولد من البيضة اليسرى)[4]

الرواية الثالثة صحيحة زرارة ح6 زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : (في اليد نصف الدية ، وفي اليدين جميعا الدية ، وفي الرجلين كذلك ، وفي الذكر إذا قطعت الحشفة فما فوق ذلك الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية ، وفي الشفتين الدية ، وفي العينين الدية ، وفى إحداهما نصف الدية)[5] وليس في السند الا القاسم بن عروة حيث لم ينص على وثاقته ولكنه لم ينص على ضعفه فيمكن اثبات وثاقته برواية ابن ابي عمير عنه فقد روى عنه كثيرا كما في الكافي 4/100 ح2، 2/183 ح6 ،التهذيب 2/84 ح29

والشيخ الصدوق يروي الرواية باسناده عن ابن ابي عمير عن القاسم بن محمد كما ذكر في الوسائل لكن الموجود في الفقيه هو القاسم بن عروة وهو الاقرب

الرواية الرابعة موثقة سماعة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) (في الرجل الواحدة نصف الدية ، وفي الاذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها ، وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل ، وفي الانف إذا قطع الدية كاملة ، وفي الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة ، وفي الذكر إذا قطع الدية كاملة ، وفي اللسان إذا قطع الدية كاملة)[6]

وغيرها من الروايات التي تتعرض للتطبيقات والظاهر ان هذا المقدار كافي لاثبات القاعدة نعم سيأتي ما يخالف ذلك كما في الشفة السفلى فذهب جماعة من الفقهاء الى ان فيها ثلثا الدية وفي الخصية اليسرى ايضاً ذهب جماعة ان فيها ثلثا الدية فاذا ثبت هذا بدليل فهو لا يخرم القاعدة فهو استثناء من القاعدة ونتمسك بالقاعدة فيما لا دليل على خلافها

[1] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج10، ص250.
[2] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج4، ص149.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص278، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح12، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص283، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح1، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح6، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج29، ص285، أبواب ديات الاعضاء، باب1، ح7، ط آل البيت.