الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

37/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فصل في شرائط صحة الصوم الاول الاسلام والايمان.

وأما قوله تعالى ({وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً }الفرقان23)

فهو ناظر إلى يوم القيامة وتدل على جعل عمل الكافر هباءً منثوراً في ذلك اليوم والمراد عدم قبولها وعدم ترتب الثواب عليها.

وقد ذكر الفقهاء صحيحة سليمان بن خالد (قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل : " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " قال : أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه)[1]

وهي دالة على صحة عمل الكافر بأعتبار وصف اعمالهم بأنها اشد بياضاً من القباطي.

 

أما قوله تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ )[2]

فقد يقال بأنها تدل على أن اعمال الكافرين كالسراب بقيعة وهذا يناسب البطلان لا عدم الثواب فالعمل بدون ثواب ليس سراباً ووهماً نعم هو لا يترتب عليه الثواب, أما العمل الباطل فهو بمنزلة العدم.

لكن المفسرين لهم اتجاهان في تفسير هذه الآية فبعضهم كصاحب الميزان يفسرها بأن المقصود بها ما يأتيه الكافرون من اعمال وقرابين لغير الله تعالى, فتكون ناظرة إلى غير محل الكلام ولا اشكال في بطلانه.

والاتجاه الاخر يفسرها بأنها لبيان خسران الذين كفروا في الدار الاخرة (أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ ...) أي لا يجدوا لأعمالهم اثراً وثواباً يوم القيامة.

ثم تُبين الآية التي بعدها خسرانهم في الدار الدنيا (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ )[3] ففي الآية اشارة إلى التخبط والعيش في ظلمات في الحياة الدنيا.

 


[1] الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص81.
[2] النور/السورة24، الآية39.
[3] النور/السورة24، الآية40.