الموضوع
: الصوم النية مسألة 16
تبين مما تقدم ان
الصحيح
في المقام هو الالتزام بجواز صوم يوم الشك , فلا إشكال من الناحية التكليفية,
وعالجنا التعارض الظاهر في الاخبار بتقييد المطلقات المانعة_ ان وجدت _ بصومه
بعنوان شهر رمضان واما صومه بغير هذا العنوان فلا اشكال في جوازه , بل ادعي كما في
كلمات السيد الخوئي
[1]
(قد) ان ما دل على الجواز من الاخبار بلغ حد التواتر , وبناء على ثبوته فأن ما
يعارضه من الاخبار , يسقط عن الاعتبار , وان لم نقل بالتواتر فلا اقل من القول بالاستفاضة
وهي بدورها توجب سقوط الروايات المعارضة لها .
ومع عدم الالتزام بالتواتر ولا الاستفاضة فالجواب
هو ما تقدم , والنتيجة في جميع الاحوال واحدة , وهي جواز صوم يوم الشك لا بنية
شهر رمضان , قال الماتن(
يبنى على انه من شعبان )
اما بناء على الروايات القائلة (
صم للرؤية وافطر
للرؤية ) وعلى فرض عدم ثبوت الرؤية فيبنى على انه ليس من رمضان , واما للإستصحاب
الموضوعي , وهو استصحاب بقاء شهر شعبان او عدم دخول شهر رمضان , ويترتب على ذلك
جواز صومه على انه من شعبان , وعدم جواز صومه على انه من رمضان , (
فلا يجب صومه ) أي بعنوان انه من رضان (
وإن صام ينويه ندبا او قضاء او غيرهما ) كفارة او نذرا
, وقد تقدمت الاشارة الى جواز الصوم تكليفا في يوم الشك بهذه العناوين , فلا يختص
الجواز بعنوان الندب , ويترتب على ذلك وضعا انه اذا تبين فيما بعد انه من رمضان
فأنه يكون مجزيا , فالروايات التي افادت الجواز والاجزاء , ورد فيها عنوان (صومه
من شعبان ) والصوم من شعبان اعم من الجميع , فهو يشمل ما لو كان بنية الندب او
بنية القضاء او غير ذلك , لأن شعبان وقت يصلح لجميع هذه الانواع من الصوم , فإذا
اُدعى الانصراف في الادلة الى خصوص الندب , فأنه يمكن الالتزام بالتعميم على اساس
اطلاق ادلة مشروعية هذه الاقسام , فأنه بعد اثبات كون يوم الشك من شعبان , لابد من
الحكم بجواز الصيام فيه قضاء بمقتضى اطلاق دليل مشروعية القضاء , وكذلك يجوز صومه
نذرا بمقتضى اطلاق دليل مشروعية النذر , فأنه يجوز صوم كل منهما في الاول من شعبان
او في الاخر من شعبان وبما ان يوم الشك قد ثبت انه من شعبان كما تقدم , فلا اشكال
في جواز الصوم فيه بنية القضاء او النذر , بل قد يقال بعدم جواز الصوم تطوعا لمن
كان عليه صوما واجبا , بناء على من حكم بعدم جواز الصوم المندوب لمن عليه صوم واجب
, وهذا الكلام على الاقل في الحكم التكليفي , نعم هناك رواية قد يدعى انها ظاهرة
في الاختصاص بالصوم التطوعي , بشير النبال (
عن أبي عبد
الله عليه السلام قال : سألته عن صوم يوم الشك فقال : صمه، فإن يك من شعبان كان
تطوعا، وإن يك من شهر رمضان فيوم وفقت له)
[2].فقد يقال ان الجواز التكليفي والاجزاء ينحصر بالصوم
التطوعي , لأن الامام عليه السلام يقول ( ان يك من شعبان كان تطوعا ).
وسند هذه الرواية ليس فيه من يُخدش فيه الا الراوي
المباشر عن الامام عليه السلام , لأن سند الشيخ الكليني عن احمد بن محمد _اما ابن
عيسى او ابن خالد البرقي _ تام , ومحمد بن ابي الصهبان تقدم , وهو محمد بن
عبدالجبار الثقة المنصوص على وثاقته , عن محمد بن بكر بن جناح وهو ايضا منصوص على
وثاقته ,عن علي بن شجرة وهو ابن اخ بشير النبال وهو ايضا نُص على وثاقته , اما
بشير النبال فلا دليل على وثاقته , نعم روى عنه صفوان مباشرة لكن السند روى فيه
صفوان عن بشير النبال ضعيف .
هذا بلحاظ السند
اما بلحاظ الدلالة فقد اجاب السيد الخوئي بأنها لا
ظهور لها بألاختصاص بصوم التطوع وانما هو مجرد مورد لها , والمورد لا يخصص الوارد
, فإن الامام عليه السلام يقول ان يك من شعبان كان تطوعا وفرض كونه تطوعا لا يصح
الا لشخص ليس عليه صوم واجب , واذا تبين عدم اختصاصها بمورد الندب فيمكن التمسك
بالوجوه التي ذكرناها لصحة الصوم بغير نية الندب .
قال الماتن (
ولو بان بعد
ذلك أنه من رمضان أجزأ عنه ) الكلام في الحكم الوضعي اي في الإجزاء عن شهر
رمضان اذا تبين ان يوم الشك من رمضان , والظاهر انه لا إشكال في الإجزاء بل دعوى
الاجماع على الجواز مستفيضة كما في الجواهر والمستمسك
[3]
وغيرهما , هذا بلحاظ الفتاوى وكذلك الكلام بلحاظ النصوص فأنها كثيرة جدا بلسان (
وفق له ) وروايات اخرى تدل على الاجزاء بلسان اخر .
نعم الكلام يقع في ان الاجزاء يختص بمورد نية
التطوع او يشمل ما لو نواه بنية القضاء او النذر او غير ذلك , وقد يستدل له بإطلاق
الروايات الدالة على الاجزاء , فأن مقتضى اطلاقها عدم الاختصاص بالتطوع لا تكليفا
ولا وضعا , وفي قبال ذلك يأتي الاشكال السابق وهو أن يُدعى ان صوم يوم الشك ينصرف
الى خصوص صومه تطوعا , فيمنع من التمسك بالإطلاق , وقلنا ان هذا الانصراف غير تام
, خصوصا الروايات التي ليس فيها لفظ (من شعبان) فلا داعي لإنكار اطلاقها ,
فالظاهر ان المطلقات في هذه الروايات تامة , وهي تكفي في اثبات المطلوب في محل
الكلام (كون الاجزاء غير مختص فيما اذا صامه تطوعا ) فالصحيح هو ان الحكم اعم من المندوب تكليفا ووضعا