درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/12/10

بسم الله الرحمن الرحیم

ولكن اُجيب عنه أوّلاً بالمنع بأن يكون كلّ خصوصيّة أخذها العقل في موضوع حكمه أن يكون لها دخل في مناط حكمه واقعاً للبداهة أنّه ربّما لا يدرك دخالة بعض خصوصيّته في مناط الحسن أو القبح واقعاً وكان أخذه فيه لأجل كون الموضوع الواجد لتلك الخصوصيّة هو المتيقّن في قيام مناط الحسن أو القبح مع احتمال أن لا يكون دخيلاً فيه واقعاً؛ مثلاً يمكن أن يكون حكم العقل بقبح الكذب الضارّ الذي لا يترتّب عليه نفع للكاذب ولا لغيره إنّما هو لأجل أنّ الكذب المشتمل على هذه الخصوصيّات هو القدر المتيقّن في قيام مناط القبح فيه مع أنّه يحتمل أن لا يكون لخصوصيّة عدم ترتّب النفع دخل في القبح بل أن يكون الملاك في القبح مجرّد ترتّب الضرر عليه وإن لزم منه حصول نفع للكاذب أو لغيره.

والحكم الشرعي المستكشف من حكم العقل إنّما يدور مدار ما يقوم به مناط القبح واقعاً، فيمكن بقاء حكم الشرعي مع انتفاء بعض الخصوصيّات التي أخذها العقل في الموضوع من باب القدر المتيقّن لاحتمال أن لا يكون دخيلاً فيه واقعاً فيكون حكم الشرعي المتّخذ من حكم العقل وزان حكم الشرعي المتّخذ من الكتاب و السُّنة يصحّ استصحابه عند الشّك في بقائه لأجل زوال بعض خصوصيّاته التي لا تضرّ في صدق بقاء الموضوع واتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة عرفاً.

وقد ردّ هذا الجواب المحقّق الخميني بما لا يخلو عن إشكال حيث إنّه قد ادّعى بأنّ تركيب الخارجي لشيء عن عدّة اُمور لا يوجب أن يكون حكم العقل على سبيل الإجمال والإهمال لأنّه إذا لم يدرك الأشياء في كلّ جزءٍ جزء بدخالته في الملاك كلاًّ أو جزءاً لم يحكم عليه حكماً جزميّاً بتيّاً، فإذا أدرك فيكون دخيلاً في بقاء حكمه لدخالته في قوام الموضوع، فالحكم الشرعي المستكشف منه أيضاً لا يكون إلاّ بعد دركه الملاك والمناط قطعاً فلا يعرضه الشّك حتّى يستصحب عند الشّك في بقائه، هذا.

ولكنّه لا يخلو عن تأمّل؛ لأنّ إدراك العقل لدخالة بعض الخصوصيّات في المناط يكون على نحوين:

تارةً: يكون على نحو الواقعيّة والحقيقيّة.

واُخرى: يكون على نحو كونه هو القدر المتيقّن لكونه واجداً لجميع الخصوصيّات، ولا يمكن أن يكون دركه للمناط في جميع الموارد من قبيل القسم الأوّل لأنّه يحتاج إلى إحاطته بجميع وجوه الأشياء وجميع المناطات، وهو غير ممكن، فيمكن أن يكون حكمه على شيء جزماً وبتّاً مبتنياً على القسم الثاني وهو قابل للاستصحاب عند فقد بعض الخصوصيّات الموجب لعروض الشّك، فهو أيضاً بنفسه قد عدل عن كلامه في حاشيته على رسائله واعترف بما قد ذهب إليه المشايخ رحمة الله عليهم.