99/11/29
بسم الله الرحمن الرحیم
الأمر الخامس: قد ذكرنا بأنّ الاستصحاب يحتاج إلى ثلاثة اُمور أو أربعة، فلا بأس بذكرها ومشاهدة صحّتها وعدمها:
الأوّل: أنّه يحتاج إلى اجتماع اليقين والشّك في زمانٍ واحد فلو لم يجتمع بأن لا يصل اليقين إلى الشّك قد يوجب تبدّل موضوع الاستصحاب إلى قاعدة اليقين، نعم مبدء حدوث اليقين والشّك قد يجتمعان وقد يختلفان لأنّه قد يكون مبدء حدوث الشّك في عدالة زيد يوم الجمعة مقدّماً زماناً عن مبدء حدوث اليقين بعدالته يوم الخميس، كما أنّه قد يقدّم زمان مبدء حدوث اليقين على مبدء حدوث الشّك وهو الغالب بأن يكون يوم الخميس متيقّناً بعدالته ثمّ دخل في يوم الجمعة ثمّ شكّ في عدالته، وقد يجتمعان بأن يقارن زمان مبدء حدوث اليقين المتعلّق بعدالته يوم الخميس والشّك في عدالته في يوم الجمعة في يوم السبت، وعلى كلّ تقدير ما هو المعتبر اجتماع نفس وصف اليقين والشّك في زمان واحد في جريانه الاستصحاب، هذا أمرٌ مقبول وممّا لا غبار فيه كما تسالم الأصحاب فيه.
الثاني: بأنّه يعتبر فيه تقدّم زمان المتيقّن على زمان وصف الشّك حتّى يصدق عدم الحكم بالبقاء نقضاً لليقين السابق فيدخل تحت عموم حديث لا تنقض اليقين بالشّك، وأمّا لو كان الشّك مبدء حدوثه متقدّماً على المتيقّن الحاضر بأن يكون في الحاضر متّصفاً باليقين بالعدالة وشك في أنّ قبل هذا اليوم كان عادلاً أم لا، قيل إنّه لا يجري فيه الاستصحاب لأنّه يسمّى بالاستصحاب القهقرى فلا يمكن القول بصحّته كما عن المحقّق النائيني في فوائده[1] ، وذكر في دليله بأنّ عدم البناء على حدوث المتيقّن في الزمان السابق على زمان اليقين بوجوده لا يعدّ نقضاً لليقين بالشّك بل الأمر في الاستصحاب القهقري بالعكس يكون من نقض الشّك باليقين لا نقض اليقين بالشّك .
ثمّ قال: وبالجملة لا إشكال في أنّ مفاد الأخبار الواردة في الباب يقتضي سبق زمان المتيقّن والشّك في بقائه، وهذا المعنى أجنبيّ عن استصحاب القهقرى، فالقائل بحجيّته لابدّ له من أن يلتمس دليلاً آخر غير روايات الباب، انتهى محلّ الحاجة.