درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

نعم، ما ذكره المحقّق النائيني في تعريفه فقط ينطبق على ما أخذ من الأخبار حيث قد ذكر نفس ذلك التعبير بقوله: لا تنقض اليقين بالشّك .

وقد يؤيّد ما ذكرناه في توضيح كلام الشيخ قدس‌سره توجّهه بمورد الاستصحاب بكونه في يقين سابق وشكّ لاحق حيث قد ردّ كلام المحقّق القمّي حيث ذكر مورده ومحلّه لا نفسه، فكلام الشيخ في تعريفه هو لبّ الاستصحاب من دون ذكر مورده في قِبال القمّي حيث قد ذكر لبّ مورده دون أصل الاستصحاب ولذلك قال إنّه يكون من أزيف التعاريف.

هذا مضافاً إلى أنّ تعريف الشيخ حيث لا يكون ممحّضاً في ما أخذ من الأخبار ومن حكم الشارع فيصحّ حمل الحجّية عليه كما يصحّ حمل الحجّية على الخبر الواحد فيقال إنّ الاستصحاب هل هو حجّة أم لا، كما يقال بأنّ الخبر الواحد حجّة أم لا، لإمكان انطباق التعريف على حكم العقل والعقلاء، هذا بخلاف ما ذكره المحقّق النائيني لأنّه اختصّ في خصوص حكم الشارع بالبقاء، فمعنى حجيّته حينئذٍ ليس إلاّ كحجيّة المفهوم لأنّ حكم الشارع كان عين الحجّة فلا معنى لنفي الحجّية إلاّ الإشكال في أصل الخبر والحديث، وعدم تماميّة دلالته لأنّه لا يشمل لحكم العقل والعقلاء حتّى يشمل حكم الإمضائي من الشارع فهو مؤيّد آخر لصحّة كلام الشيخ وجودته كما لا يخفى .

الأمر الثاني: حيث إنّه قد أخذ في الاستصحاب وجود الشّك في البقاء، غاية الأمر مسبوقاً باليقين السابق، فلذلك يكون الحكم بالإبقاء من الأحكام الظاهريّة والتعبّديّة إن أُخذ من الأخبار مثل: لا تنقض اليقين بالشّك، فيكون الاستصحاب حينئذٍ أصلاً عمليّاً كأصل البراءة والاشتغال في كون الشّك مأخوذاً في موضوعه، وهذا هو الأقوى عندنا كما عليه الشيخ الأنصاري تبعاً لمن كان قبله من شارح الدروس وهو المحقّق الخوانساري وصاحب الذخيرة تبعاً لمن كان أوّل من تمسّك بالأخبار وهو الشيخ حسين وهو والد الشيخ البهائي رحمة الله عليه.

والعجب من الشيخ الطوسي والسيّدين علم الهدى وابن زهرة والفاضلين الحلّي والمحقّق والشهيدين الأوّل و الثاني وصاحب المعالم قدس‌سرهم حيث لم يتمسّكوا بهذه الأخبار. نعم، تمسّك الشيخ في العدّة انتصاراً للقائل بحديث ضعيف مرويّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله من أنّ الشيطان ينفخ بين إليتي المصلّي فلا ينصرفنّ أحدكم إلاّ بعد أن يسمع صوتاً أو يجد ريحاً[1] .

مع أنّ الأخبار الصحيحة الموجودة المعدودة من حديث الأربعمائة في أبواب الصلاة كانت بأيديهم، ولعلّ وجه عدم التفاتهم أنّهم يزعمون كون الاستصحاب من باب حكم العقل أو العقلاء بالبقاء بواسطة كون الشيء موجوداً سابقاً ولم يعلم عدمه فيكون الاستصحاب حينئذٍ موجباً للظّن بالبقاء بالظّن الشخصي إن أخذ من العقل أو الظّن النوعي حينئذٍ إن أخذ من حكم العقلاء وعملهم فيصير الاستصحاب من الأدلّة العقليّة لا الشرعيّة كما صرّح بذلك صاحب المعالم فيصير حكماً عقليّاً يتوصّل به إلى حكمٍ شرعيّ كالقياس والاستقراء والاستحسان، ولأجل ذلك لم يعتنوا علماء المتقدّمين بمثل الاستصحاب في كتبهم الفقهيّة لأنّهم يحسبون كون حال الاستصحاب كحال القياس وما أشبهه.

 


[1] رسائل الشيخ: 319.