درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/11/18

بسم الله الرحمن الرحیم

وقد يمكن دفعه: بأنّ الحكم بدوام ما ثبت لابدّ أن يعيّن وجهه إذ لا يصحّ ذلك إلاّ من علّة وهي لا يكون إلاّ من وجود إحدى الثلاث؛ إمّا لوجود علّته بقاءاً، أو لوجود دليله، أو لكونيّته سابقاً، فإذا انتفى الاثنان الأوّلان فيبقى الأخير وهو ليس إلاّ عبارة قوله ما كان.

نعم، قد يرد بأنّ مجرّد كونيّته سابقاً أوجب الحكم بالبقاء أو تعلّق اليقين بكونيّته لا صرف وجوده سابقاً كما يوهم الثاني كلام القوم، ومن الواضح أنّ علّة الحكم بالبقاء ليس إلاّ اليقين بوجوده، غاية الأمر ليس هو لوصفيّته علّة، بل بلحاظ كونه طريقاً إلى وجود المتعيّن، ففي الحقيقة كان علّة البقاء هو كونه متيقّناً في السابق، غاية الأمر الحاكم بالبقاء قد يكون هو الشرع إن أخذ من الأخبار ويصير حكماً تعبّديّاً لعدم بقاء اليقين حقيقةً فيصير حينئذٍ من الأحكام الظاهريّة لا الواقعيّة، أو العقل إن أخذ من حكمه أنّ كونه متيقّناً في السابق أوجب الظّن بالبقاء حقيقة بواسطة حكم العقل أو دركه على اختلاف المبنى فيه من إمكان وجود الحكم فيه أم لا، أو العقلاء إن أخذ من حكمهم أي كان بناء عملهم على أنّ الشيء المتيقّن وجوده سابقاً يبنون في مقام العمل والجري على البقاء، فليس لهم حينئذٍ حكم إلاّ العمل، فبعد هذا التقريب لم يرد عليه أنّه صار الاستصحاب من الأحكام الواقعيّة لعدم دخالة اليقين فيه لما قد عرفت أنّ العلّة لم يكن صرف وجود الشيء سابقاً حتّى يكون من قبيل (الثابت يدوم) بل من جهة تعلّق اليقين به وكونه متيقّناً.

كما يظهر من ذلك رفع إشكاله الثاني بأنّه كيف لم يتّخذ الشّك دخيلاً فيه حتّى يكون من الأحكام الظاهريّة لأنّ الحكم بالإبقاء لابدّ من وجود سبب تحتاج إلى ذلك و إلاّ لما يحتاج إلى الحكم وهو ليس إلاّ عروض الشّك فيه، ولذلك يصير بعد الحكم من الأحكام الظاهريّة إن أخذ في الأخبار، ومن الواقعيّة إن أخذ من العقل، ولعلّ وجهه عدم ذكر الشيخ عنوان الشّك واليقين في كلامه وبتعبيره بعبارة موجزة مجملة قابلة للحمل على ذلك ليس إلاّ أنّه أراد ذكر تعريف جامع لتمام المسالك الثلاثة من الأخبار والعقل والعقلاء، ولذلك لم يبيّن متعلّق الحكم بالبقاء ولذلك قد أجاد فيما أفاد الشيخ في تعريفه كما استحسنه المحقّق العراقي في نهاية الأفكار حيث قد بيّن تفصيلاً تعريف الشيخ بإجماله وانطبقه على تمام المسالك.