98/10/07
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: وفيه/ أنّ الظاهر من تلك الأدلّة هو الحجب والجهل الذي/
وفيه: أنّ الظاهر من تلك الأدلّة هو الحجب والجهل الذي لم يكن أمره بيده من دون مؤونة أصلاً حيث يظهر ذلك من جملة ما حجب الله علمه عن العباد لا ما كان بواسطة نفسه بحيث قيّدها بالنظر إليه كرؤية الهلال برفع رأسه كما يظهر من جملة قوله: أولى بالعذر. بأن يرى العرف جهله وحجّته عذراً له. نعم، يصحّ ذلك بعد الفحص واليأس حتّى في الموضوعات، فدعوى إطلاق تلك الأدلّة على عدم وجود الفحص لعموم الموارد ممّا لا يقبله الذوق السليم.
وذكر المحقّق النائيني في وجهه بأنّ عدم وجوبه فيها إنّما هو فيما إذا لم يكن مقدّمات العلم حاصلة بحيث لا يحتاج حصول العلم بالموضوع إلى أزيد من النظر في تلك المقدّمات، فإنّ في مثل هذا يجب النظر ولا يجوز الاقتحام في الشُّبهة مطلقاً إلاّ بعد النظر في المقدّمات الحاصلة بعدم صدق الفحص على مجرّد النظر فيها إذ الفحص إنّما يكون بتمهيد مقدّمات العلم التي غير حاصلة، فلا يجوز الأكل والشرب اعتماداً على استصحاب اللّيل إذا توقّف العلم بطلوع الفجر على مجرّد النظر إلى الاُفق وكذا لا يجوز الاقتحام في المايع المردّد بين كونه خلاًّ أو خمراً إذا توقّف العلم به على مجرّد النظر في الإناء أو السؤال عن الذي في جنسه، نعم لا يبعد عدم وجوب الفحص في خصوصيّات الطهارة والنجاسة لما علم من التوسعة فيها، انتهى كلامه[1] .
فيظهر من كلامه عدم صدق الفحص في مثل ما يكون المقدّمات حاصلة، ولهذا يجب النظر فيه ولو كان في الموضوعات، نعم كلّما يصدق فيه الفحص فلا يجب، فيرد عليه أوّلاً: أنّ لازم كلامه وجوب الفحص مطلقاً حتّى في الموضوعات إلاّ ما لا يصدق ذلك فيه وهو خلاف لمدّعاه الإجماع في أوّل كلامه في البحث على عدم وجوب الفحص في الموضوعات .
وثانياً: لو لم يصدق الفحص على مثله فلِمَ استثنى عدم وجوبه في باب الطهارة والنجاسة مع اعترافه أنّه ليس بفحص عرفاً، مضافاً إلى أنّه لم يرد بهذا اللّفظ في دليل حتّى يلاحظ موارد صدقه وعدمه عرفاً.
والأولى أن يقال في وجه عدم وجوب الفحص في الموضوعات هو ورد دليل عليه تسهيلاً للعباد لئلاّ يقع في العسر والحرج في التوقّف في كلّ شيء من جهة طهارته ونجاسته حتّى يتفحّص بل أصالة الطهارة والحلّية جارية في كلّ شيء حتّى يستبين الخلاف أو تقوم به البيّنة كما في حديث مسعدة، فهذا أصلٌ عامّ في جميع موارد الشبهات الموضوعيّة، إلاّ أن يحصل من القرائن الخارجيّة أو الحاليّة كون غرض الشارع هنا تحصيل الاحتياط لاستلزام جريان الأصل في تلك الموارد نقض الغرض أو الهرج والمرجع مثل الاُمور المتّهم بها كالنفوس والدِّماء والفروج والأموال التي يعلم ضبطها ومقدارها في الدفتر لأجل مثل هذا اليوم، ففي مثله يجب الفحص تحصيلاً للغرض المطلوب والمحبوب أو جواباً للعلم المزبور حيث قد جعله علامة لذلك، وهو يكفي دليلاً في المسألة كما لا يخفى.
مضافاً إلى أنّ الناس في مثل تعيين النصاب والاستطاعة والربح لأجل الخمس لا يكون مقبلاً بالذات فلا يوجب الوسوسة فيها بخلاف مثل الطهارة والنجاسة كما هو واضح.