98/10/04
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: كما أنّ القول بعدم العقوبة في الجاهل المقصّر في تلك المسائل الثلاث
كما أنّ القول بعدم العقوبة في الجاهل المقصّر في تلك المسائل الثلاث مع تسليم وجود العقوبة في الجاهل المقصّر مطلقاً ممّا لا يقبله الذوق السليم.
وعلى ما ذكرنا يصحّ القول برفع الإشكال بحذافيره؛ أمّا صحّة التمام لكونه مأموراً به على الفرض، كما أنّه لو أتى بالقصر اتّفاقاً مع اعتقاده التمام يصحّ لكونه مأموراً به أيضاً بالمصلحة الكاملة كما أنّه يصحّ عقوبته على فرض الإتيان بالتمام لتفويته بواسطة جهله بمقدار من المصلحة الملزمة حتّى في الوقت لا يمكن إدراكه على الفرض .
وما استشكل عليه المحقّق الخوئي تارةً: بأنّ الترتّب يكون بين الخطابين لا المصلحتين لعدم تضادّهما.
واُخرى: أنّه يستلزم تعدّد العقوبة لو ترك القصر والإتمام بواسطة تحقّق ترك الفريضتين.
غير وجه، فأمّا عن الأوّل: بأنّه دعوى بلا دليل لوضوح إمكان وجود التضادّ بين الملاكات كما لا يخفى .
وأمّا عن الثاني: لوضوح أنّ التارك لا يخلو إمّا أن يكون عالماً بالحكم أو جاهلاً.
فعلى الأوّل لم يفوت منه إلاّ المصلحة الملزمة المترتّبة للعلم لو كان قد أتى بما علمه وتركه عمداً فالعقوبة تترتّب عليه لا على القصر مع إمكان أن يقال إنّ عقوبته في تركه أيضاً كان لأجل ترك القصر لأنّه كان واجباً واقعاً، والتبدّل بوجوب التمام كان بعد عدم إيقاع السلام في التشهّد الثاني عملاً فلا عقوبة عليه، إلاّ على ترك القصر، ولذلك يجب عليه قضاء القصر لا التمام.
وعلى الثاني: فالحكم واضح لأنّه لا عقوبة إلاّ على القصر، ونحن قد خلصنا بذلك عن عويصة المسألة.
تذييل:
وقد عرفت في بحث الجهات الأربع في الفحص أنّه كان في الشبهات الحكميّة الإلزاميّة تحريميّة كانت أو وجوبيّة، وأمّا الشبهات الموضوعيّة الإلزاميّة بكلا قسميها ذهب الأعلام إلى عدم وجوب الفحص إلاّ ما خرج بالدليل على وجوب الفحص فيه، فلماذا لا يجب الفحص فيها كما عليه الأصحاب، بل ادّعي الإجماع عليه كما عن النائيني قدسسره، فعدم وجوب الفحص فيها ممّا لا خلاف فيه ولا كلام.
إنّما الكلام في بيان الدليل لعدم وجوبه، فعن المحقّق العراقي في نهايته بأنّه يكون على القاعدة بعد ورود الدليل الشرعي كحديث الرفع والحلّية والإطلاق على الترخيص فيما لا يعلم ولو من جهة احتياج علمه إلى الفحص، وهذا المعنى مطلق لكلّ الشبهات من الحكميّة والموضوعيّة، فخرج منها الأولى بواسطة العلم الإجمالي وغيره المقتضي للفحص فيبقى الموضوعيّة باقياً تحت العموم على القاعدة إلاّ ما خرج بالدليل مثل الاستطاعة في الحجّ والنصاب في الزكاة والمؤونة في الخمس من الاُمور المتّهم (المهتمّ) بها الشارع من النفوس والأعراض، ثمّ قد ذكر تأييداً لمدّعاه وجود حديث مسعدة بن صدقة في الجُبُن بقوله: والأشياء كلّها على ذلك حتّى تستبين أو تقوم بها البيّنة. وجعل من المستثنى باب الماليّات كالدين المردّد بين الأقلّ والأكثر مع ضبطه في دفتر الحساب وتمكّنه من الرجوع إليه لمعرفة مقداره، هذا خلاصة كلامه في «النهاية»[1] .