98/09/12
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: وكيف كان، منشأ الخلاف إنّما نشأ من الاختلاف في فهم الوجوب
وكيف كان، منشأ الخلاف إنّما نشأ من الاختلاف في فهم الوجوب المستفاد من أدلّة وجوب التفقّه من «لِيَتَفَقَّهُوا» والمتعلّم من قوله: هلاّ تعلّمت، والعمومات الواردة في ذلك هل وجوبه المستفاد وجوبٌ نفسيّ استقلاليّ كسائر التكاليف النفسيّة مثل الصلاة والصوم حتّى تكون العقوبة لمخالفة نفسه، أو وجوباً نفسيّاً تهيّئيّاً لأجل تهيىء المكلّف بالفحص وتعلّم الأحكام لامتثال الواجبات والمحرّمات الثابتة في الشريعة، فكانت العقوبة النفسيّة أيضاً .
أو كان وجوبه طريقيّاً كوجوب سائر الطرق والأمارات المثبتة الموجبة لاستحقاق العقوبة على المخالفة عند المصادفة للواقع لا مطلقاً.
أو وجوباً شرطيّاً من جهة شرطيّة الفحص تعبّداً لحجيّة أدلّة الأحكام والاُصول النافية.
أو كون وجوبه مقدّميّاً غيريّاً نظراً إلى دعوى تقدّميّة الفحص والتعلّم للعمل بأدّلة الأحكام.
أو كونه إرشاداً محضاً إلى حكم العقل بلزوم الفحص للفرار عن العقوبة المحتملة إمّا لأجل العلم الإجمالي أو لاستقرار الجهل الموجب لعذره أو لحكمة منجّزية احتمال التكليف قبل الفحص بناءً على عدم الإطلاق لأدلّة البراءة الشرعيّة لمطلق الشّك حتّى قبل الفحص.
هذه هي الوجوه المتعدّدة لاختلاف المسالك، فلا بأس حينئذٍ بالإشارة إلى أدلّة كلّ قول وما يرد عليه حتّى يتّضح ما يمكن الاختيار في المقام.
أمّا وجه استدلال المحقّق الأردبيلقي والمدارك فإنّهما استدلاّ على أنّ الفحص كان مقدّمة لتحصيل الأحكام حتّى يتحقّق الامتثال، فإنّ ترك الفحص فلا يقدر الإنسان على الامتثال، فالظاهر من الأدلّة مثل قوله: هلاّ تعلّمت، كون التعلّم بنفسه مطلوباً للتهيّأ فيكون مطلوبيّة نفسيّة تهيئة (نفسيّته تهيئته)، فالعقوبة ترتّب على ترك نفس التعلّم لا على الواقع حتّى يتوقّف على وقوع المخالفة له.
وفيه ما لا يخفى، لأنّ مجرّد كون ظاهر الأمر هو الوجوب النفسي التهيّئ لا يوجب مخالفته العقوبة لأنّ التعلّم ليس فيه مطلوبيّة ذاتيّة إلزاميّة حتّى يوجب مخالفته العقوبة ولا يكون الأمر إلاّ لأجل الأحكام والعمل، فلا يكون أمره مولويّاً ذاتيّاً موجباً لاستحقاق العقوبة، بل كان لأجل التحفّظ على الآخر كأوامر الاحتياط.