98/07/21
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأمر الرابع
الأمر الرابع: إذا عرفت أنّه لا يعتبر في حسن الاحتياط عقلاً إلاّ تحقّق لموضوعه بلا فرقٍ بين كونه محرزاً للواقع على ما هو عليه أو إضافيّاً أقرب إلى الواقع كالأخذ بأحوط القولين أو الأقوال من المجتهدين الأحياء، كما لا فرق بين كونه على خلافه حجّة معتبرة شرعيّة من أمارة أو أصل أو لم يكن.
فاعلم أنّه يقع البحث في أنّه هل يعتبر في حسنه إذا كان على خلافه حجّة شرعيّة أن يعمل المكلّف أوّلاً بمؤدّى الحجّة ثمّ يعقّبه بالعمل بالآخر، أم لا يعتبر بل يجوز له العمل بكلّ من الأطراف؟ فيه وجهان بل قولان:
ذهب إلى الأوّل المحقّق النائيني قدسسره حيث قد صرّح أنّه ليس للمكلّف العمل على طبق ما اقتضته (اقتضت) الحجّة خلافه ثمّ العمل على الجهة (الحجّة) إلاّ إذا لم يستلزم رعاية احتمال مخالفة الحجّة للواقع استيناف جملة العمل و تكراره مثل ما إذا كان مفاد الحجّة عدم وجوب السورة في الصلاة، فغاية (ورعاية) طرف خلافه هو إتيان الصلاة مع السورة وهو غير متوقّف على تكرار الصلاة وإن كان يحصل بالتكرار أيضاً، ففي مثله يجوز العمل بأيّهما ابتداءاً.
هذا بخلاف ما يستلزم التكرار مثل ما إذا كان مفاد الحجّة وجوب خصوص صلاة الجمعة مع احتمال كون الواجب هو خصوص صلاة الظهر فإنّ رعاية احتمال المخالف لا يحصل إلاّ بتكرار العمل، ففي مثله لا يجوز العمل على ما خالف الحجّة إلاّ بعد العمل بمفاد الحجّة .
وجعل السّر في ذلك هو أنّ معنى اعتبار الطريق هو إلغاء احتمال مخالفته للواقع عملاً وعدم الاعتناء به والعمل به أوّلاً ينافي الإلغاء لأنّه حينئذٍ يكون عين الاعتناء باحتمال الخلاف لا الإلغاء، هذا بخلاف ما لو قدّم العمل بالحجّة فإنّه حينئذٍ قد أدّى المكلّف وظيفته، فالعقل يستقلّ بحسن الاحتياط لرعاية إصابة الواقع.
ثمّ ذكر وجه الثاني لذلك بقوله: هذا مضافاً إلى أنّه يعتبر في حسن الطاعة الاحتماليّة عدم التمكّن من الطاعة التفصيليّة، وبعد قيام الطريق المعتبر على وجوب صلاة الجمعة يكون المكلّف متمكّناً من الطاعة والامتثال التفصيلي بمؤدّى الطريق فلا يحسن منه الامتثال الاحتمالي لصلاة الظهر. انتهى محصّل كلامه في «فوائد الاُصول» [1] .