درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

98/07/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تقريب الإشكال

 

تقريب الإشكال: هو أنّ العمل بالاحتياط لابدّ أن يكون العمل مصداقاً لإطاعة أمر المولى، وإطاعته لا تتحقّق إلاّ أن يكون الأمر داعياً له إلى العمل وصيرورة العبد متحرّكاً بتحريكه، مع أنّ تحريكه الأمر المجهول غير معقول، واحتمال الأمر وإن كان محرّكاً لكن المحرّك هو نفس صورة الذهنيّة وهو الاحتمال سواء كان في الواقع أمرٌ أم لا، مع أنّه لو كان وجود الأمر الواقعي دخيلاً في تحريكه مستقلاًّ أو بنحو الجزئيّة كان اللاّزم عدم تحرّكه مع وجود الأمر في الواقع، مع أنّ خلافه مشهودٌ بالعيان حيث انبعث من احتمال الأمر مع عدم وجود الأمر في الواقع أصلاً، فينتج من جميع ذلك عدم إمكان حصول الاحتياط فيما لا يعلم الأمر في خصوص شيء تفصيلاً لعدم حصول الانبعاث فلا يحصل الإطاعة، هذا هو الإشكال .

فأُجيب عنه أوّلاً: بأنّه ينبغي في صدق الإطاعة كون الصورة الذهنيّة الاعتقاديّة محرّكة، إلاّ أنّها حيث كانت حاكية بنظر القاطع والعامل عن الواقع ففي صورة مصادفتها يكون الانبعاث عن نفس الواقع لأنّه منكشف ولو بالواسطة، فتلك الصورة وسيلة إلى انكشافه، فالانبعاث حاصل من الواقع المنكشف لا من الجهة التقييديّة، فالإنسان العالم العامل بالاحتياط منبعث من أمر المولى ومطيع لأمره، هذا جواب قد صدر عن المحقّق الخميني قدس‌سره في أنواره[1] .

قلنا: هذا صحيح على تقدير دون تقدير؛ لأنّ الإصابة والمصادفة إن حصلت صدقت الإطاعة و إلاّ فلا، مع أنّ العامل بالاحتياط قد يتّفق أن لا يوافق الواقع أصلاً ولا يصادفه، مع ذلك يصحّ الاحتياط منه وكان حسناً، فكيف التوفيق؟

وأجاب قدس‌سره ثانياً: بأنّ الانبعاث اللاّزم ليس هو الانبعاث عن البعث بالذات، بل يكفي انبعاثه عن بعث المولى ولو بالعرض أي ولو بواسطة الصورة الذهنيّة المحرِّكة، فلا يعتبر في حقيقة الطاعة أزيد من كونه منبعثاً عن بعثه ولو بالعرض، وإلاّ كان غير معقول؛ لأنّ الإنسان لا ينال شيئاً من خارج ذاته نيلاً بالذات بل يكون بالواسطة وهو الصورة الذهنيّة ومنه الطاعة، ولا يراد من دخالة البعث في الانبعاث أزيد من ذلك، هذا هو خلاصة كلامه.

ولكن الجواب عنه هو ما عرفت بأنّ ذلك صحيح، أي في كفاية صدق الإطاعة ولو بالعرض لو صادف الواقع حراماً، وأمّا فيما لم يصادف لا يصدق الانبعاث حتّى بالعرض لعدم وجود أمر في الواقع، ولكن مع ذلك ترى الاحتياط فيه أيضاً ضمناً، ولذلك ترى اعترافه قدس‌سره بذلك في الاحتياط في الشبهات البدويّة.

فالأولى والأحسن في الجواب أن يقال: إنّه لا نسلّم كون حسن الاحتياط متوقّفاً على حصول حقيقة الإطاعة في العمل، بل حُسنه موقوفٌ على كون الاحتياط موجباً لحصول احتمال الإطاعة وهو كافٍ في حسنه وإن لم يصادف ا لعمل للأمر الواقعي أصلاً فضلاً عمّا يصادفه في أحد طرفيه كما في أطراف العلم الإجمالي، فعلى هذا الاحتياط أحسن على كلّ حال أي سواء كان الواقع المنكشف في الجملة موجوداً أم لا، فالإشكال قد اندفع بحمد الله، فالاحتياط مشتمل لأحدٍ من الأمرين إمّا الإطاعة لو صادف العمل للواقع أو الانقياد لو لم يصادف، وكلّ منهما تحقّق عن العبد بالنسبة إلى مولاه، وأمره كان حسناً، وهذا المعنى جارٍ في الاحتياط مطلقاً سواء كان فيما صادف العمل للأمر قطعاً ولو بالإجمال أو لم يعلم منه ذلك بل كان فيه مجرّد احتمال المصادفة كما في الشبهات البدويّة في الموضوعيّة أو الحكميّة، وجوبيّة كانت أو تحريميّة.

 


[1] أنوار الهداية: ج2 / 401.