98/07/10
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: القاعدة الثالثة/ وبقي هنا إشكالان على الحديث/
وبقي هنا إشكالان على الحديث:
الأوّل: هو أنّه لا يمكن استفادة وجوب الباقي منه لأنّه وإن كان ظهور لا يترك في التحريم إنشاءاً إن كان نهياً أو إخباراً في مقام الإنشاء إن كان بصورة الحكاية، إلاّ أنّ ظهوره يصادم مع ظهور عموم الموصول فيما لا يدرك الدالّ على مطلق الرجحان سواء كان واجباً أو مستحبّاً، والإتيان بالباقي في الثاني مستحبّ لا واجب فلا يثبت الحديث إلاّ رجحان الإتيان بالباقي.
ولكن قد عرفت الجواب عمّا هو مثله بأنّ الظاهر كون الحديث ناظراً إلى ما هو الموجود في الخارج من الحكم الاستحبابي أو الوجوبي المستفاد من كلمة يدرك فيُراد من لا يترك أيضاً ما هو المناسب للصدر أي المرجوحيّة المطلقة القابلة للانطباق للحرمة و الكراهة (كلّ شيء بحسبه) مضافاً إلى ما عرفت من عدم القول بالفصل في كون الرجحان بالإتيان بالباقي بالوجوب في الواجب أو عدم المشروعيّة فلا قول ثالث براجحيّة الإتيان في الباقي بمعنى الاستحباب .
الثاني: حيث يدور الأمر في كون كلمة فيما لا يدرك هو المركّب أو الكلّي حتّى يشمل الأجزاء في الأوّل، فيكون النّهي في لا يترك كلّه مولويّاً لارتباط الأجزاء بعضها مع بعض، أو يشمل الأفراد في الثاني حتّى يكون النّهي إرشاديّاً لعدم الارتباط بين الأفراد، فتعذّر بعضها عقلاً لا يوجب سقوط المتمكّن فيكون النّهي حينئذٍ إرشاديّاً، فحيث يتردّد بينها، وليس لنا جامع بين المولوي والارتباطي فيسقط الحديث عن الاستدلال، هذا كما عن سيّدنا الخوئي قدسسره.
والجواب أنّه قد عرفت إطلاق لفظ الكلّ من المركّب والكلّي وكان المتصوّر هو التحريك إلى الإتيان بغير المتعذّر فيما إذا تعذّر بعض أجزائه أو أفراده بلا فرقٍ في جهة الدّاعي بأن يكون هو المولويّة أو الإرشاديّة ولذلك قد عرفت صحّة جريان الحديث في المستحبّات كما يجري في الواجبات؛ لأنّ الحديث ليس في صدد إبداء الإنشاء، بل بيان استمرار الحكم الذي كان على الشيء في الباقي بحسب ما له من الوجوب أو الندب، فلا إجمال في الحديث فيصحّ التمسّك به، ولا إشكال فيه إلاّ من حيث سنده كاُختيه، وقد عرفت انجباره بعمل الأصحاب ولا نعيد، كما أنّ إطلاقه يشمل للباقي الذي لم يكن ميسوراً بالنسبة إلى الكلّ، إلاّ أن يحمل بمناسبة الحكم للموضوع على ما يصدق عليه الميسور، كما لا يبعد أن يكون كذلك عرفاً فلا يشمل لما يفقد فيه معظم الأجزاء والأفراد كما لا يخفى، كما كان الأمر كذلك في قاعدة الميسور، إلاّ أنّه كان أقرب منه في الدلالة.
فظهر من جميع ما ذكرنا: أنّ القواعد الثلاثة من الاستطاعة والميسور وعدم الإدراك يمكن الاستدلال بالأخيرتين منها دون الاُولى كما عليه المشهور من الأصحاب وإن خالف بعض كالسيّد الخوئي قدسسره .