درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

98/02/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأمر الخامس من الاُمور المربوطة بالأجزاء والشرائط

 

فالأصل الذي يمكن الاستدلال به أو قيل به وهو الاستصحاب: فقد ذهب المحقّق النائيني إلى التفصيل في جريانه بين ما لو كان لدليل القيد إطلاق يشمل ثبوت الجزئيّة والقيديّة في حال التعذّر حيث يوجب القطع بارتفاع ذلك الوجوب المتعلّق للكلّ بواسطة تعذّر القيد، فحينئذٍ عند الشكّ في ثبوت وجوب آخر لبقيّة (لتبعيّة) الأجزاء مقارناً مع وجود الوجوب للكلّ أو مقارناً لارتفاعه يكون استصحابه من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي، ولا يعتبر ذلك إلاّ على بعض الوجوه كما سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.

هذا بخلاف ما لو لم يكن لدليل القيد إطلاق، فحينئذٍ بعد تعذّر بعض الأجزاء يشكّ في ارتفاع شخص ذلك الوجوب فيستصحب لاحتمال مقصودية الجزء لحال التمكّن فقط، فتعذّره لا يوجب ارتفاع الوجوب، فالاستصحاب هنا جارٍ لدلّ حكومة القاعدة عليه، وإن أضاف مقرّره في آخر كلامه بأنّ الاُستاذ كان يميل إلى عدم التفصيل بين إطلاق دليل القيد وعدمه، وأنّ الاستصحاب يجري في كلا الصورتين ـ لولا حكومة القاعدة عليه ولم يذكر لذلك وجه يمكن الاعتماد عليه، انتهى ملخّص كلامه[1] .

ولا يخفى ما في كلامه من الإشكال أوّلاً: بما قد عرفت منّا بأنّ مورد جريان إلاّ صل كان عند عدم إطلاق لشيء من الدليلين أو الإطلاق لكليهما الموجب للتعارض والرجوع إلى الأصل وهو الاستصحاب مثلاً، وأمّا لو كان لدليل القيد إطلاق فقط دون المركّب فيستلزم القطع بسقوط الوجوب عن الكل، فلا وجه لحدوث الشكّ في وجوب الباقي حتّى نحتاج إلى الاستصحاب؛ لأنّ مع وجود دليل اجتهادي دالّ على سقوط الوجوب فلا يبقى مورد لإثباته بالاستصحاب، فلا تصل النوبة إلى ردّ الاستصحاب لكونه من القسم الثالث من ا ستصحاب الكلّي حتّى يستلزم صحّته عند من يصحّ هذا القسم منه ـ إذ الشكّ في وجوب الباقي لابدّ له من منشأ وهو مفقود هنا كما لا يخفى .

وثانياً: قد أورد على هذا الاستصحاب بأنّه كيف يجري مع أنّ مورده ليس شيء يصحّ إجرائه فيه لأنّه :

إمّا يراد باستصحاب الوجوب هو استصحاب طبيعة الوجوب الجامع بين النفسي والغيري الثابت لما عدا المتعذّر قبل طروّ الاضطرار حيث أنّه بعد طروّ الاضطرار يشكّ في ارتفاع مطلق الوجوب الثابت للبقيّة فيستصحب.

وقد اُجيب عن هذا الاستصحاب أوّلاً: بأنّ كون الجزء واجباً بوجوب غيري أمرٌ غير محصّل كما مضى تحقيقه في محلّه، فأصله مخدوش.

وثانياً: على فرض التسليم قلنا بأنّ الجامع ليس بحكم ولا موضوع ذي حكم حتّى يستصحب؛ أمّا عدم كونه موضوع ذي حكم فواضح، وأمّا عدم كونه حكماً لأنّ الحكم المجعول ليس إلاّ نف الوجوبين وهو النفسي المتعلّق للمركّب والغيري المتعلّق بالأجزاء ما هو بحمل الشائع وجوب وحكم، وأمّا الجامع فهو أمرٌ انتزاعي غير متعلّق للجعل بل العقل ينتزع ذلك من الحكم الشارع المجعول للمركّب، فليس بمجعول شرعي حتّى يستصحب .

وثالثاً: على فرض التسليم بكونه حكماً لكنّه يكون من القسم الثالث من استصحاب الكلّي لأنّ الوجوب مشكوك الحدوث في الباقي حال ارتفاع وجوب المركّب قطعاً، فإثبات الوجوب بالاستصحاب الكلّي يكون من قبيل ذلك الاستصحاب وهو ليس بحجّة إلاّ في بعض الوجوه، وهو ما كان الناقص من المرتبة الضعيفة للكامل كما في اللّون وهو غير جارٍ في المقام .

 


[1] فوائد الاُصول: ج4 / 260.