98/01/28
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الأمر الخامس من الاُمور المربوطة بالأجزاء والشرائط
فالآن نشرع فيما لو لم يكن لأحد الدليلين إطلاق، وكانا مجملين أو مهملين، أو كان لكليهما إطلاق، ولكن لم نحكم بتقديم أحدهما على الآخر، فالكلام حينئذٍ يقع في مقامين:
أحدهما: في مقتضى الأصل العقلي والقواعد الأوّليّة .
والثاني: في مقتضى القواعد الاُخر من الاُصول العمليّة والقواعد الفقهيّة.
فأمّا الأوّل: فلا يخفى عليك أنّ العجز عن الجزء أو الشرط قد يكون من أوّل زمن التكليف وأوّل بلوغه، فالحكم بالبراءة العقليّة عن التكليف عقلاً بالنسبة إلى المركّب التامّ لجميع الأجزاء والشرائط، واضح لأنّه لم يقدر على التكليف في لحظة أصلاً حتّى يتنجّز الحكم عليه ويحكم بوجوب الباقي كما لا يخفى .
وآخر: ما لا يكون كذلك، بل يكون قادراً للمركّب التاّ ثمّ طرء عليه العجز فهو أيضاً على قسمين:
تارةً: يكون في يومين مثلاً يعني بأن يكون قادراً في يوم وواقعة، وعاجزاً في يوم آخر وواقعة اُخرى .
واُخرى: وقع العجز في يومٍ واحد وواقعة واحدة مثل ما لو كان في أوّل الظهر قادراً على جميع الأجزاء ثمّ طرأ العجز عن بعض الأجزاء بعد ساعة.
فأمّا الأوّل منهما فلا إشكال في سقوط التكليف عليه عقلاً؛ لأنّ ثبوت التكليف والحجّة عليه في الأيّام السابقة لا يرتبط بهذا اليوم الذي يشكّ في ثبوته عليه مع العجز عن بعض أجزائه وعجزه عن الإتيان بالمركّب التامّ، فحكمه أيضاً كحكم العاجز في أوّل بلوغه .
وأمّا الثاني: فقد يمكن أن يقال بوجوب الإتيان بالناقص بواسطة فعليّة التكليف وتنجّزه بالمركّب التامّ في أوّل الوقت وطروّ العجز عن بعض أجزائه بعد التمكّن والقدرة عن الامتثال بإتيان التامّ، فيكون من قبيل الشكّ في القدرة الذي قيل فيه بوجوب الاحتياط عقلاً لكونه شكّاً في السقوط أي التكليف لا في الثبوت، أو كان كالاضطرار العارض في أحد أطراف العلم الإجمالي حيث يحكم العقل بحرمة المخالفة القطعيّة فيجب الاجتناب عن طرفه الآخر الغير المضطرّ بعد العجز عن تحصيل الموافقة القطعيّة بواسطة الاضطرار مثل ما لو اضطرّ إلى شرب أحد الإنائين المعلومين بالإجمال بالنجاسة فيجب الاجتناب عن الطرف الآخر أيضاً فراراً عن الوقوع في المخالفة القطعيّة الذي كان حراماً.
ولكنّه مندفع، أمّا الأوّل فيهما لأنّه قياسٌ مع الفارق لأنّ التكليف الفعلي من قبل المولى في مورد الشكّ في القدرة معلوم، والشكّ كان في إتيانه بواسطة احتمال العجز، وفيما نحن (فيه) يكون الجزئيّة معلوماً في حال القدرة وفي حال العجز يشكّ في جزئيّته، فالعجز عن إتيان الجزء معلوم والتكليف بالفاقد مشكوك فيه مع القدرة عليه، فلا يقاس بالشكّ في القدرة.
وبعبارة أوفى: إنّ التكليف بالنسبة إلى الفاقد من أوّل الظهر كان مشكوكاً لأنّا لا نعلم أنّ التكليف قد تعلّق بالأعمّ للواجد والفاقد أو بخصوص الواجد فقط، لأجل الشكّ في جزئيّته الجزم، فليست الحجّة بالنسبة إلى الفاقد تامّة.
ومن ذلك يظهر الجواب عن الثاني أيضاً لوضوح الفارق بين الموردين من جهة وجود العلم الإجمالي بالتكليف في المقيس عليه بخلاف المقام حيث لا علم إجمالي، بل هنا علمٌ تفصيلي بوجوب الإتيان بالواجد التامّ وشك بدويّ في وجوب الفاقدة لبعضها فلا إشكال في جريان البراءة العقليّة كما لا يخفى، وإن اُريد إثبات التكليف لما بعد العجز لابدّ من إثبات ذلك بدليلٍ آخر من الأصل أو القاعدة وهو مربوط بالمقام الثاني الآتي.