درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/12/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه

 

الرابع من الأقسام: استصحاب الصحّة التأهّليّة للأجزاء بعد وقوع ما يشكّ في قاطعيّته أو مانعيّته، ومعنى الصحّة هو بقاء الأجزاء السابقة للحوق الأجزاء اللاّحقة .

ففي «فوائد الاُصول» للنائيني قدس‌سره قال: وإن اُريد من الصحّة الصحّة القائمة بالأجزاء السابقة إنّما هي الصحّة التأهّليّة، وهي عبارة عن صلاحيّة تلك الأجزاء لانضمام البقيّة إليها، فإنّ الصحّة المتصوّرة في كلّ جزء من العمل ليست إلاّ بهذا المعنى، واستصحاب الصحّة التأهّليّة مع أنّه يرجع إلى الاستصحاب التعليقي الباطل من أصله كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه في محلّه.

لا مجال لجريانه للقطع ببقاء الصحّة التأهّليّة في الأجزاء السابقة حتّى بعد وقوع الزيادة التي يشكّ في مانعيّتها، فإنّ الزيادة لو كانت مانعة فإنّما هي تمنع عن صلاحيّة لحوق الأجزاء الباقية إلى الأجزاء السابقة ولا تضرّ بصحّة الأجزاء السابقة، فإنّ الأجزاء السابقة بعدُ باقية على ما وقعت عليه من الصحّة التأهّليّة؛ لأنّ الصحّة التأهّليّة ليست إلاّ عبارة عن وقوع الأجزاء على وجهٍ تصلح للحوق الأجزاء الاُخر إليها، وهذا المعنى يدور مدار كون الجزاء حال صدوره واجداً للشرائط المعتبرة فيه، فإن كان واجداً لها فلا محالة يقع صحيحاً ولو مع تعقّبه بما يقطع كونه مانعاً، فإنّ الشيء لا ينقلب عمّا وقع عليه، فالشكّ في مانعيّة الزيادة الواقعة في الأثناء لا يوجب الشكّ في بقاء الصحّة التأهّليّة للأجزاء السابقة لكي يجري فيها الاستصحاب، انتهى محلّ الحاجة[1] .

وما ذكره قدس‌سره ليس إلاّ ما اختاره الشيخ الأعظم في المسألة على ما حكي عنه في «نهاية الأفكار»[2] بعد تقرير المسألة في إمكان الاستصحاب في الصحّة وعدمه، قال: حيث إنّ فيه خلافاً مشهوراً، والذي اختاره الشيخ هو المنع عنه، ومحصّل ما أفاده في تقريب المنع هو أنّ المراد من الصحّة المستصحبة إمّا أن يكون هي الصحّة الفعليّة أو هي الصحّة الشأنيّة التأهّليّة، والأوّل ممّا لا سبيل إلى استصحابه لعدم كون الصحّة بهذا المعنى ممّا له حالة سابقة لأنّها إنّما تكون في ظرف إتيان المأمور به بما له من الأجزاء والشرائط، ومع الشكّ في مانعيّة الموجود لا يقين بالصحّة الفعليّة بمعنى المؤثّريّة الفعليّة للأجزاء السابقة حتّى يستصحب .

وأمّا الصحّة بالمعنى الثاني فهي وإن كانت ثابتة للأجزاء السابقة لكنّها لا شكّ في بقائها... إلى آخر ما عرفت في كلام النائيني.

ثمّ قال: وكذا الكلام في الصحّة بمعنى الموافقة للأمر حيث أنّ موافقة الأجزاء السابقة للأمر المتعلّق بها متيقّنة سواء فسد العمل أم لا، انتهى محلّ الحاجة.

وأجاب عن هذا الإشكال ـ أي عن استصحاب الصحّة بمعنى التأهّليّة ـ المحقّق الخميني رحمه‌الله في «أنوار الهداية» بأنّ معنى الصحّة التأهّليّة أنّ الأجزاء السابقة تكون لها حيثيّة استعداديّة للحوق الأجزاء اللاّحقة بها ولم يخرج بواسطة تخلّل ما يشكّ في قاطعيّته عن تلك الحيثيّة ولم يبطل الاستعداد بواسطته، وهذه الحيثيّة أمرٌ مشكوك بعد ذلك التخلّل فلا يكون الاستصحاب تعليقيّاً.

نعم، يرد على هذا الاستصحاب: أنّ أصالة بقاء الاستعداد في الأجزاء السابقة لا يثبت ربط الأجزاء اللاّحقة بها وتحقّق الصحّة الفعليّة إلاّ بالأصل المثبت[3] .

 


[1] فوائد الاُصول: ج4 / 232.
[2] نهاية الأفكار: ج3 / 416.
[3] أنوار الهداية: ج1 / 359.