97/12/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه
القسم الثالث: استصحاب عدم وقوع القاطع والمانع في الشبهة الاتّصاليّة التي في الصلاة، بناءً على القول بوجود الشبهة الاتّصاليّة فيها كما عرفت تحقيقه، وتقرير الاستصحاب هو أن يقال: إنّ الصلاة لها هيئة اتّصاليّة ولم تكن فيها زائدة، فلا يتحقّق القاطعيّة والمانعيّة وبعد تحقّق كلّ واحدٍ منهما يشكّ في أنّ الزائد هل هو قاطع أي تحقّق بوجوده ووقع فيه القاطع والمانع أو لا، فيستصحب عدمه.
والفرق بين هذا وسابقه واضح أنّ استصحاب عدم القاطع والمانع بعدم أزلي ينظر إلى نفس وجود القاطع والمانع ويقال إنّه لم يكن موجوداً حتّى يتّصف بهذا الوصف، فالآن كما كان، هذا بخلاف المقام حيث يلاحظ عدمهما بلحاظ وقوعهما في الصلاة بواسطة وجود الزائد، فهذا الاستصحاب استصحاب لعدم الوقوع لا لعدم الوجود، فالإشكال الجاري في العدم الأزلي غير جارٍ هنا.
نعم، استشكل هنا بإشكالٍ آخر وهو أنّ الصلاة لعلّها تكون مقيّدة بعدم المانع، والاستصحاب لا يثبت التقيّد لأنّ إثباته به موجباً لكونه مثبتاً.
فاُجيب عنه كما في «أنوار الهداية»: أنّ الاستصحاب جارٍ في نفس التقيّد أي الكون الرابط، فإنّ استصحاب عدم تحقّق المانع في الصلاة عبارة اُخرى عن كونها بلا مانع، هذا ممّا لا إشكال فيه .
إلاّ أنّه أورد على نفسه الشريف في حاشيته: بأنّ عدم تحقّق المانع فيها ملازم عقلاً لكونها بلا مانع نظير استصحاب عدالة زيد لإثبات كونه عادلاً، فإنّ الظاهر أنّه مثبت أيضاً [1] .
لكنّه مدفوع: بأنّ اللاّزم في صحّة الجماعة والشهادة ليس إلاّ إثبات عدالة زيد وهو يحرز بهذا الاستصحاب ولا نحتاج إلى إثبات تلك الصفة بخصوصها حتّى يقال بأنّه عقليّ ولا يمكن إثباته لكونه مثبتاً، مع أنّ مثل تلك الواسطة لعلّها خفي لا يضرّ بالاستصحاب.
كما لا يرد عليه ما استشكل عليه أيضاً في حاشيته: بأنّ جريان استصحاب عدم المانع أو القاطع موقوف على انتزاعها من تقيّد المأمور به بعدمهما مع نحو اختلاف في اعتبارها، وأمّا لو قلنا إنّ اعتبارهما من جعل الضديّة بينهما وبين المأمور به فلا يجري الاستصحاب لكونه مثبتاً.
لأنّك قد عرفت منّا سابقاً في بيان الفرق بينهما بعدم كون التضادّ بين المأمور به وبينهما، بل المانع عبارة عمّا أُخذ عدمه فيه بخلاف القاطع حيث أنّ وجوده يُفنى ما هو الشرط لصحّة العبادة من الهيئة الاتّصاليّة، فاستصحاب عدمهما يكفي في إثبات الصحّة ولا نحتاج إلى إحراز غير ذلك حتّى يقال إنّه مثبت، مضافاً إلى ما عرفت من كفاية استصحاب بقاء الهيئة الاتّصاليّة لولا هذا الاستصحاب كما لا يخفى.
فهذه الاستصحابات الثلاث عندنا قابلة للجريان في إثبات الصحّة فيما إذا شكّ في القاطع والمانع.