97/11/28
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه
ولكن قد يُقال في وجه الفرق بينهما بفرقٍ آخر وهو جعل المانع عبارة عمّا يمنع وجوده عن صحّة المأمور به إذا وقع في خصوص حال الاشتغال بالأجزاء، والقاطع عبارة عمّا يمنع وجوده عن صحّته عند وقوعه في أثناء المأمور به مطلقاً حتّى في حال السكونات المتخلّلة بين الأجزاء، هذا كما يظهر عن كلام المحقّق النائيني قدسسره في فوائده.
وأورد عليه المحقّق العراقي في نهايته بقوله: ولكن فيه نظر؛ فإنّه يمكن ثبوتاً كون المانع مانعاً عن صحّة المأمور به في خصوص حال الاشتغال بالأجزاء كذلك يمكن كونه مانعاً عن الصحّة مطلقاً حتّى في حال السكونات المتخلّلة في البين، كما أنّ الأمر في طرف القاطع كذلك حيث يتصوّر فيه ثبوتاً كونه قاطعاً مطلقاً أو في خصوص حال الاشتغال بالأجزاء لأنّه تابع كيفيّة اعتبار الشارع إيّاه، وأمّا في مقام الإثبات فيحتاج استفادة كلّ من الاعتبارين في كلّ من المانع والقاطع إلى قيام الدليل عليه ويختلف ذلك باختلاف كيفيّة لسان الأدلّة الواردة في باب القواطع والموانع ولا يبعد استفادة المانعيّة والقاطعيّة المطلقة بما ورد بلسان النّهي عن إيقاع شيء في الصلاة بنحو جعل الصلاة ظرفاً لعدم وقوع المانع أو القاطع فيها لولا مزاحمة الجهات الاُخر المقتضية لتحقيق المانعيّة أو القاطعيّة بحال الاشتغال بالأجزاء أو (مع الشكّ) وعدم استفادة أحد الأمرين من الأدلّة يندرج في الأقلّ والأكثر، فإنّ المتيقّن من المانعيّة أو القاطعيّة حينئذٍ إنّما هو في خصوص حال الاشتغال بالأجزاء، والمرجع في الزائد هي أصالة العدم، انتهى كلامه[1] .
ولكن الذي يختلج بالبال في وجه الفرق بينهما هو ملاحظة حال اسميهما الذي قد سمّيا به، حيث أنّ القاطع يشتقّ عن القطع، ومن الواضح أنّ القطع إطلاقاً لا يصحّ إلاّ فيما كان المحلّ له وحدة اتّصاليّة وكان ذلك الشيء القاطع يوجب بوجوده قطع تلك الحالة والوحدة الاتّصاليّة، ولا فرق فيه كون تحقّق القاطع واقعاً في حال السكونات أو في حال الاشتغال بالأجزاء، فانحصاره بخصوص الأوّل ممّا لا وجه له، فإنّ وقوع الحدث أو الضحك يوجب قطع الصلاة والخروج عنها سواء وقعا في حال الاشتغال بالأجزاء أو في حال السكونات المتخلّلة، وإن كان يظهر متعلّقه هو الاتّصال المتبلور في حال السكونات ولكنّه لا يوجب كونه منحصراً فيه .
هذا بخلاف المانع حيث أنّه بوجوده يمنع عن إلحاق بقيّة الأجزاء بالسابقة، فإنّه لا يوجب مجرّد وجوده البطلان كالنجاسة، لأنّه إذا وجدت في الثوب مثلاً في الصلاة ولم يأت بشيء من الأجزاء مع تلك النجاسة فأزالها أو طهّرها بلا فصل طويل ولا فعل كثير، ثمّ أتى بباقي الأجزاء فإنّه لا يوجب البطلان، وأمّا لو أتى بجزء من الأجزاء مع النجاسة واكتفى به ولم يأت بعوضه وبدله إن أجزنا ذلك فإنّه بوجب البطلان لأنّ النجاسة قد منعت عن صحّة ما أتى به، فليس العمل مأتيّاً بما له من الأجزاء والشرائط.
هذا هو وجه الفرق بينهما على حسب ما يشاهد في لسان الأدلّة وفتوى الفقهاء في المسألة ومقام الإثبات .
وأمّا إمكان تصوير كلّ من الوجهين في مقام الثبوت في كلّ من القاطع والمانع في لسان الشرع ممّا لا يكاد ينكر ولا أظنّ أن ينكره أحدٌ من الاُصوليّين.
هذا كلّه على فرض وضوح حال الشيء من جهة القاطعيّة والمانعيّة .