97/11/27
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه
وأمّا إذا شكّ فيه ولم يعلم بأنّه أخذ بصورة الأولى أو الثانية فيرجع هذا الشكّ إمّا إلى الشكّ في أنّ الزيادة هل هي مانعٌ أم لا، فيكون الشكّ في حصول المانع وعدمه، فالأصل حينئذٍ هو البراءة نقلاً وعقلاً في الأقلّ والأكثر، فالأصل حينئذٍ عدم حصول المانع بواسطة كون الأصل عدم الأخذ في الجزء بصورة بشرط لا.
وبعبارة اُخرى: يشكّ في حصول الزيادة أم لا، فالأصل عدمها إن قلنا بإمكان حصولها كما يمكن أن يقرّر الشكّ في حصول الزيادة إلى الشكّ في حصول نقيصة في الواجب أم لا؛ لأنّه إن كان قد أخذ الجزء بصورة الوحدة وبشرط لا، فالإتيان بالزائد موجبٌ لنقيصة الجزء كما عرفت، وإلاّ فلا نقيصة كما لا زيادة مبطلة، فالأصل أيضاً العدم أي عدم تحقّق النقيصة الموجبة للبطلان كما لايخفى.
هذا كلّه بالنسبة إلى البيراءة النقليّة والعقليّة، وقد يُقال: بأنّ المقام من مورد جريان الاستصحاب لا البراءة لأنّه من الاُصول المحرزة دونها، فلا بأس بذكره ونقول:
وبقي هنا حكم الاستصحاب وهو الأمر الثالث في المقام. وحيث كان البحث في ذلك يدور مدار بيان حكم القاطع والمانع من حيث جريان الاستصحاب وعدمه فلا بأس بأن يذكر حكم الفرق بين هذين العنوانين حيث يمتاز حكم استصحابهما .
ولا يخفى أنّ القاطع عبارة عن كون الشيء بوجوده يوجب القطع في المركّبات الاعتباريّة بحيث كان بوجوده مغنياً لما هو الشرط المأخوذ في المركّب المأمور به، ولا يحصل هذا القطع إلاّ بعد أن يلاحظ في المأمور به أمراً اتّصاليّاً وهيئة متّصلة حتّى تصير الأجزاء بواسطة ذلك متّصلة بالابتداء والانتهاء مثل التكبيرة في الصلاة حيث ترى أنّ المتشرّعة يجعلها ابتداءً للصلاة والتسليمة انتهائها، ويلاحظ الاستمرار في تلك الأجزاء بواسطة ذلك إلى آخرها، فحينئذٍ لو وقع شيء فيها أوجب قطع الصلاة عن هذا الاتّصال بحيث لم يكن الإتيان بسائر الأجزاء بعد وجود ذلك الشيء وهو مثل الضحك مثلاً إذا تحقّق في الصلاة حيث يوجب قطع الصلاة، أو الحدَث حيث يكون كذلك، أي بوقوعه يوجب إفناء الطهارة التي كانت وجودها شرطاً للصلاة، فبوجوده يوجب قطع الصلاة ولذلك يقع النّهي عليه .
هذا بخلاف المانع حيث إنّه عبارة عن ملاحظة ما يكون عدمه ملحوظاً في المأمور به كاعتبار الشرط بوجوده فيه وهو مثل النجاسة في الصلاة حيث إنّه يكون مانعاً في الصلاة لأنّ عدمها معتبر فيها كاعتبار الطهارة شرطاً، فإذا تحقّقت يوجب بطلان الصلاة، فكلّ من القاطع والمانع مشتركان في أصل كونهما موجباً للإخلال بالمأمور به حيث يوجب وجودهما بطلانه، إلاّ أنّ الفارق بينهما هو أنّ القاطع لم يلحظ فيه كون عدمه ملحوظاً فيه، بل يكون وجوده موجباً لإفناء شيء يوجب البطلان وهو الاتّصال الموجود في المأمور به المأخوذ فيه شرطاً، فبسببه بطلان القاطع كان بواسطة اعدام شيء كان هو المعتبر فيه المعبّر عنه بالجزء الصدري في لسان القوم وهو الاتّصال الموجود والهيئة الاتّصاليّة، حيث أنّ تلك الهيئة موجودة سواء اشتغل بجزء من أجزائها أم لم يشتغل وكان في السكونات المتخلّلة في المركّب، فوجود القاطع لا يتحقّق إلاّ مع وجود تلك التهيئة (الهيئة)، هذا بخلاف المانع حيث أنّه قد لوحظ فيه عدمه في المركّب المأمور به فبوجوده يوجب البطلان لأجل فقد ما أخذ عدمه قيداً في المأمور به، ولا يعتبر في المانع وجود هيئة اتّصاليّة في المأمور به كما يعتبر في القاطع، هذا هو الفارق بينهما المذكور في لسان الأصحاب .