97/11/09
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه
أقول: إنّه ما المراد من الإعادة التي بمعنى التكرار هل المراد بملاحظته مع تكرار الأمر أو تكرار الوجود من الفرد الخارجي، فإن كان المراد من التكرار هو الأمر بخطاب جديد فلا إشكال في الجاهل أنّه لا خطاب له إلاّ بالأمر الأوّل؛ لأنّ المفروض كونه مخاطباً على الفرض بخطاب الأمر الأوّل بخلاف الناسي حيث إنّه يكون له خطاب جديد بالإعادة لو لم يرد حديث لا تعاد، فعلى هذا التقدير لا يشمل حديث لا تعاد للجهل سواء كان جهلاً بالحكم أو الموضوع لعدم خطاب جديد، فلا وجه حينئذٍ لملاحظة التكرار بالنظر إلى الوجود الخارجي حتّى يقال عدم الفرق بين صورة الجهل والنسيان، وإنْ اُريد من التكرار هو الوجود في الخارج بأن يؤتى بالعمل مجدّداً بعد ما وجده أوّلاً ولو بصورة الفاسد، فالإعادة هنا صادق لكلّ واحدٍ من الجهل والنسيان، إلاّ أنّه مبنيّ على القول بكون وضع ألفاظ العبادات على الأعمّ من الصحّة حتّى يصحّ أن يقال له أعد، وإلاّ على القول بوضعها الصحيح، فلا يكون الإتيان به ثانياً إعادة الأوّل حتّى يشمله حديث لا تعاد؛ لأنّ المفروض فساد العمل في الأوّل فلم يأت بشيء من الصلاة حتّى يحكم بإعادتها، وعلى القول بالأعمّ لا إشكال في صدق الإعادة سواء كان الحكم بلزوم الإتيان ثانياً من جهة أمر الأوّل كما في الجهل، أو كان بمقتضى أمر الجديد كما في النسيان، فجواب العراقي كان على الثاني كما لا يخفى .
هذا كلّه على فرض ما سلكه من عدم إمكان توجّه الخطاب إلى الناسي حال النسيان.
وأمّا على ما سلكنا سابقاً من كون الخطابات الكلّية والقانونيّة فعليّة في حقّ جميع الناس حتّى للناسين والجاهلين والعاجزين، غاية الأمر يكونون معذورين في ترك الجزء والشرط، فحينذٍ على فرض كون الأمر باقياً في حقّ جميعهم بالأمر الأوّل بمقتضى إطلاق دليل الجزء والشرط حيث يحكم بكون المنسي جزءاً حال النسيان أيضاً كما يقال بأنّ الجزء المتروك جهلاً جزء أيضاً، فلابدّ من الإعادة بالأمر الأوّل لبقائه لولا حديث الرفع وأمثاله، سواء ترك الجزء بالنسيان أو الجهل، وكان انطباق الإعادة بلحاظ الوجود من الفرد الأعمّ من الصحيح والفاسد، فلا إشكال في شمول حديث لا تعاد لكلّ واحدٍ منهما، ويحكم بعدم وجوب الإعادة بلحاظ الأمر الأوّل حيث يكون مفاده حينئذٍ وقوع الامتثال بما أتى به الراجع خلاصته بالحكومة على عدم إطلاقه دليل الجزئيّة والشرطيّة في حال النسيان أو الجهل لو لم يرد دليل آخر يدلّ على إلحاق الجهل بالعمد في عدم المعذوريّة كما ادّعى ذلك المحقّق المزبور من لسان أخبار خاصّة حيث لقيس المقام بيان تلك الأخبار؛ لأنّ محالّها الفقه لا الاُصول، فدعوى شمول عموم لا تعاد لكلّ من النسيان والجهل بحسب طبعه غير مجافة.
ثمّ على فرض قبول إلحاق الترك بالجهل للحكم أو الموضوع بالترك القهري في الإخلال، إنّما يصحّ ذلك إذا لم يكن الشارع قد أمره في الجهل بوجوب المضيّ عدم الاعتناء كما في الشكّ بعد تجاوز المحلّ حيث قد أمر الشارع بوجوب المضيّ وعدم لزوم الإتيان به حتّى فيما إذا أمكنه التدارك بعدم استلزام زيادة ركنيّة مبطلة، وإلاّ لما كان شكّه وجهله ملحقاً بالإخلال العمدي؛ لأنّ المكلّف حينئذٍ كان مقهوراً من ناحية الشارع بوجوب المضيّ، فلو ظهر ترك الجزء كسورة الحمد مثلاً لا يوجب البطلانه لأنّه لو لم يحكم الشارع به لكان آتياً بذلك ولم يتركه، فحيث حكم يكشف أنّه قد بقى في عموم لا تعاد كما يدلّ الحديث على ذلك في الإخلال السهوي، فيكفي هذا من البحث هنا، وأزيد من ذلك يوكل إلى كتاب الفقه، وأسأل الله التوفيق في تحقيقه في محلّه إن شاء الله تعالى.