97/10/29
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه
ولا يخفى عليك أنّ ما ذكره في بيان المرفوع من رفع الجزئيّة قد عرفت عدم كونه منسيّاً أو رفع نفس الجزء قد عرفت عدم وجوده، فكيف يرفع مع عدم كونه موجوداً أو رفع الترك المتعلّق للجزء بأنّه يلزم كون الرفع وضعاً لا رفعاً وهو خلاف لما جعل كلّها ممّا لا يسمن ولا يغني عن الإشكال مع وجود الإشكال في بعضها كما ذكره سابقاً في مثل كون الرفع هنا وضعاً لأجل كونه في مقام تحديد الطبيعة المأمور بها في الباقي، حيث قد عرفت جوابه بأنّ حديث الرفع لا يقتضيه، بل المقتضى لذلك بقاء الأمر الأوّلي مع إسقاط الجزء المنسي عن الجزئيّة فلا يصير الرفع وضعاً كما توهّمه.
ولكن التحقيق أن يُقال في حلّ الإشكال هو دلالة الحديث على صحّة المأتيّ به بكلّ من فقرتيه من جملة ما لا يعلمون وجملة رفع النسيان، وبيان ذلك موقوفٌ على بيان اُمور :
الأوّل: أنّه قد مضى تفصيل البحث في مبحث البراءة بأنّ تخصيص هذه الاُمور وتقييدها عن الأدلّة الأوّليّة أو حكومة أدلّة الحاكمة على الأدلّة الأوّليّة ليس معناه هو التصرّف في أصل الجعل والإدارة الجديّة الأوّليّة لاستلزام ذلك النسخ المستحيل في حقّه تعالى، بل المراد من الرفع والتخصيص هو رفع اليد عن الإرادة الاستعماليّة على حسب ما هو المتعارف في القوانين الكلّية بين الملل من أصحاب التقنين حيث يجعلون الأحكام بصورة العموم والقانون ثمّ يذكرون المخصّصات والمقيّدات بصورة التبصرة والموادّ والفصول حيث إنّ مثل هذه الاُمور تكشف عن أنّ الإرادة (اللبيّة) قد تعلّقت بغير المقيّد والمخصّص، كما أنّ عدم العثور على المقيّدات يكشف عن تطابق الإرادة الجديّة والإرادة الاستعماليّة.
الثاني: أنّ الترفّع في حديث الرفع قد أُسند إلى الموصول وصلته مثل رفع ما لا يعلمون، وما اضطرّوا إليه، أو ما استُكرهوا، وفي بعض إلى نفس العنوان مثل النسيان والخطاء كما ورد في الكتاب العزيز: «رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا» كما في سورة البقرة. وقد يمكن أن يكون الوجه في التفاوت هو أنّ ما اُسند إلى ما الموصول وصلته كان المقصود هو رفع الحكم الذي وقع عليه تلك العناوين من الاضطرار والإكراه، بلا فرقٍ بين كون المتعلّق في الاضطرار والإكراه والجهل هو فعله أو تركه، وتكون هذه العناوين متوجّهة بالذات إلى نفس الحكم وينطبق عليه العنوان، وإنّما مثل الاضطرار لأكل الميتة يصدق عليه الاضطرار، هذا بخلاف الرفع المسند إلى النسيان والخطاء حيث أنّه قد اُسند إلى الموضوع وهو على قسمين:
تارةً: يكون نفس الشيء قد تعلّق به النسيان والخطاء مثل إن ترك الجزء أو الشرط نسياناً أو خطأً.