97/10/24
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه
ولا يخفى ما في هذا الجواب؛ حيث أنّه إذا أوّلَ جملة رفع النسيان إلى معنى المفعول أيّ المنسي فلابدّ حينئذٍ من إثبات متعلّق للرفع وليس إلاّ الذي تعلّق به النسيان وهو ليس الجزئيّة على حسب دعوى الخصم حتّى يصحّ رفعه، فالجواب بالمقصود والغرض من الدفع هو الحكم بصحّة المأتي به لا يوجب صحّة رفع كون المنسي هو الجزئيّة، بل المنسي في الحقيقة ليس إلاّ نفس الجزء، فلابدّ أن يرجع الرفع إليه وهو غير موجود حتّى يتعلّق به الرفع، مع أنّ أحداً من الشرائط كان هو كون المرفوع أمراً موجوداً حتّى يصحّ رفعه، فهذا الجواب لا يُسمن ولا يُغنيه.
فالأولى في الجواب هو المنع عن إرجاع النسيان إلى المنسي كما سنشير إليه عن قريب فيما إذا أردنا بيان صحّة التمسّك بالحديث حتّى بهذه الجملة منه فانتظر حتّى تنظر ما رزقني الله من كشف حلّ ذلك .
ثمّ قد فرّع المجيب وضوح الجواب عن الثاني والثالث من الإشكال بالجواب الأوّل، لأنّه بذلك يفهم أنّ سقوط الجزئيّة عن ذلك يستلزم كون المأمور به قد أتى فلا وجه للإعادة وانحصاره بخصوص حال النسيان، كما أنّه يظهر أنّ المطلوب في حقّه ليس إلاّ ما أتى بعد الجمع بين الدليل الأوّلي والحديث، فإذا عرفت الإشكال في جوابه الأوّل وعرفت عدم تماميّته فيوجب عدم تماميّته (تماميّة) ما يترتّب عليه من الجوابين كما لا يخفى .
فالأولى أن نتعرّض أوّلاً: ما حقيقة العراقي في عدم جواز التمسّك بهذا الحديث بهذه الفقرة، ثمّ بيان ما يورد عليه، ثمّ التعرّض لما هو حلّ المسألة، فنقول:
إنّ المحقّق العراقي جعل وجه عدم جواز التمسّك به هو ما حاصله في آخر كلامه: وبالجملة صحّة التمسّك به في المقام للاجتزاء بالمأتي به في حال النسيان، وعدم وجوب الإعادة بعد التذكّر يحتاج إلى الالتزام بأحد الاُمور الثلاثة؛ ا ءمّا دعوى أنّ الحديث ناظر إلى رفع دخل الجزء المنسي في ظرف النسيان في مصلحة المركّب، وهو غير ممكن لأنّ دخالة الجزء والشرط في المصلحة أمرٌ تكويني والحديث لا يكون ناظراً له؛ لأنّ من الشرائط كونه ممّا تناله يد التشريع. أو دعوى اقتضاء الحديث برفع جزئيّة المنسي تحديد دائرة الطبيعة المأمور بها في حال النسيان بالتبعيّة وإثبات التكليف بها ولو بنحو جعل البدل، مع أنّه غير صحيح لأنّ الحديث لا يثبت التكليف إلى البقيّة (التبعيّة) لا لأجل أنّ الحديث جعل للامتنان والتوسعة لا الكلفة والتضييق؛ لأنّ التكليف بالتبعيّة هنا ليس إلاّ عقليّاً لا شرعيّاً، بل لأنّ جعل الحديث كان للرفع لا الوضع، والحكم بإثبات التكليف بالتبعيّة وضع لا رفع. أو دعوى الالتزام باستفادة تعدّد المطلوب من الخطاب المتعلّق بالصلاة بأن تكون الصلاة المشتملة على تمام الأجزاء والشرائط مطلوباً، والصلاة المشتملة على ما عدى الجزء المنسي مطلوباً آخر ولو كان ذلك من جهة حديث الرفع بضميمة المطلقات الأوّليّة المثبتة للأجزاء والشرائط، مع أنّه لا سبيل إلى إثباته لكونه خلاف ما تقتضيه إطلاقات الأوامر المتعلّقة بالمركّبات من الظهور في وحدة المطلوب، وما تقتضيه إطلاقات الأدلّة المثبتة للأجزاء والشرائط من الجزئيّة والشرطيّة المطلقتين، ولذلك ترى بنائهم على سقوط التكليف عن المركّب عند تعذّر بعض أجزائه، إلاّ إذا كان هناك ما يقتضي ثبوت التكليف بالبقيّة ووجوب الإتيان بها كقاعدة الميسور ونحوها؛ فإذا لم يكن إثبات صحّة ما أتى به ممكناً لأجل عدم اقتضاء رفع النسيان لتحديد دائرة الطبيعة المأمور بها بالتبعيّة (بالبقيّة) وإثبات الأمر الفعلي بها، فحينئذٍ يكفي في وجوب الإعادة عند التذكّر إطلاق دليل الجزئيّة الموجب لدخل المنسيّ في مصلحة المركّب وملاكه حتّى في حال النسيان. انتهى ملخّص كلامه.