97/10/23
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه
وعلى هذا يختصّ الحديث بالأحكام الانحلاليّة العدميّة التي تتعلّق بالموضوعات الخارجيّة كحرمة شرب الخمر وإكرام الفاسق وغيبة المؤمن، فيصحّ رفع آثار تلك الاُمور بواسطة عروض النسيان.
وأمّا التكاليف الوجوديّة التي يكون المطلوب فيها صرف الوجود كوجوب إكرام العالم وإقامة الصلاة، فلا يمكن أن يعمّها حديث الرفع لما قد عرفت أنّ مقتضى رفع هذه الاُمور هو إثبات التكليف ثانياً وهو ينافي الامتنان.
وبذلك يظهر فساد توهّم دلالة رفع النسيان على سقوط جزئيّة الجزء المنسيّ ووقوع الطلب فيما عداه؛ لأنّه يرد عليه أوّلاً: أنّ المنسيّ ليس هو جزئيّة الجزء وإلاّ يرجع النسيان إلى الحكم وهو من أقسام الجهل به، فيدخل فيما لا يعلم لا في رفع النسيان، بل المنسي هو نفس الجزء أي الإتيان به قولاً أو فعلاً، ومعنى نسيان الجزء هو خلوّ صفحة الوجود عنه، فلا يعقل تعلّق الرفع به لأنّه معدومٌ، وقد عرفت أنّه لابدّ في المرفوع أن يكون شاغلاً لصفحة الوجود ولا يعمّ المعدوم.
وثانياً: أنّ محلّ البحث ليس نسيان المستوعب لتمام الوقت أو العمر، بل لبعض الوقت، وسقوط الجزئيّة لبعض الوقت لا يقتضي سقوطها في تمام الوقت أو العمر حتّى في زمان الذّكر وزوال النسيان لأنّ عدم القدرة في وقتٍ لا يقتضي عدم القدرة في جميعه.
وثالثاً: أنّه ليس في المركّبات الارتباطيّة إلاّ طلب واحد تعلّق بأُمور متباينة يجمعها وحدة اعتباريّة وتنتزع جزئيّة كلّ واحدٍ من الاُمور من انبساط الطلب عليها، وليست جزئيّة كلّ واحدٍ منها مستقلّة بالجعل، فالذي يلزم من نسيان أحد الأجزاء هو سقوط الطلب عن الكلّ لا عن خصوص الجزء المنسي لأنّه لا طلب إلاّ واحداً ولا معنى لتبعيضه...
إلى أن قال: فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّه لا دليل على كون المكلّف به هو ما عدا الجزء المنسيّ خصوصاً في النسيان الغير المستوعب، بل مقتضى إطلاق أدلّة الأجزاء والشرائط خلاف ذلك، انتهى [1] .
وفيه أوّلاً: أنّه كيف قال بأنّ الرفع لا يمكن تعلّقه بنفس النسيان لكونه من التكوينيّات ولم يقل بذلك في تعلّقه بالشرب مع أنّه أيضاً كذلك، وإن أراد الإصلاح بالحمل على رفع أثر الشرب فكان ينبغي أن يفعل ذلك في نفس النسيان بالإرجاع إلى أثره لا إلى نفسه، فكيف لم يجعل ذلك ؟
وقد أجاب المحقّق العراقي عن إشكاله الأوّل بقوله: بأنّ المنسيّ ليس هو الجزئيّة وإلاّ كان داخلاً في نسيان الحكم ويندرج في قوله: ما لا يعلم.
بأنّ المقصود من رفع الجزئيّة ليس كونها هو المنسيّ حتّى يتوجّه عليه الإشكال المزبور، وإنّما المقصود من رفع الجزئيّة باعتبار كونها من آثار ذات الجزء المنسي واقتضاء رفعه رفع الجزئيّة الثابتة له؛ لأنّ لازم جزئيّة المنسيّ للمركّب حينئذٍ إنّما هو بطلان المأتي به في حال النسيان، فيكون رفعه عبارة عن سقوطه عن الجزئيّة في حال النسيان، ولازمه هو صحّة المأتي به في حال النسيان من جهة اقتضائه لكون المأتي به حال النسيان تمام المأمور به في حقّه، ومثله يستتبع عدم وجوب الإعادة عليه بعد التذكّر.