97/10/22
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: في اقتضاء نقص الجزء سهواً للبطلان وعدمه
قد يُقال: إنّ المرفوع هنا ما هو إن كان هو الجزئيّة فهي من الاُمور الانتزاعيّة لا يمكن تعلّق الرفع بها لأنّها بالنظر إلى دخلها في المصلحة يكون من الاُمور التكوينيّة ممّا لا تناله يد الوضع والرفع التشريعي، وإن كان بالنسبة إلى التكليف الفعلي الذي كان هو منشأ انتزواع الجزئيّة الفعليّة لا يكون المكلّف بنفسه قابلاً للثبوت لولا الرفع للقطع بانتفائه في حال النسيان لاستحالة التكليف بما لا يُطاق، هذا .
فأجاب عنه المحقّق العراقي بقوله: مدفوع بأنّه يكفي في صحّة الرفع وجود المقتضى لثبوت التكليف والجزئيّة في حال النسيان الموجب لبقاء الأمر المستلزم لوجوب الإعادة بعد زوال النسيان.
ولكن لا يخفى ما فيه من الإشكال لأنّه إذا فرض عدم إمكان تعلّق التكليف وفعليّته في حقّه فلا وجه للحكم ببقاء الأمر المستلزم لوجوب الإعادة لوجود المقتضى؛ لأنّ المقتضى الذي له مانع عن فعليّته لا يوجب بقاء الأمر حتّى يحكم بوجوب الإعادة حتّى يستلزم رفعه بحديث الرفع.
فالأولى في الجواب أن يقال ممّا قد عرفت منّا سابقاً بأنّ التكليف حيث لا يكون شخصيّاً، بل يكون من باب القانون والكليّة ويحتمل فعليّته بالنسبة إلى الناسي ونشك فيه ما يحدث بجريانه بواسطة عنوان لا يعلم يحكم بعدم وجوبه لعدم وجود إطلاق على الفرض يرفع الشكّ، ولا يجري هنا الإشكال الذي ذكره المحقّق النائيني قدسسره بكون الرفع هنا حال النسيان ما دام وجود النسيان في الوقت بخلاف ما لو زال قبل تمام الوقت حيث يوجب وجوب الإعادة لأجل كونه شكّاً في سقوط التكليف لا في ثبوته، لأنّ هذا الإشكال لو سلّمنا جريانه إنّما يكون لو أردنا التمسّك بفقرة رفع النسيان، والحال أنّا نتمسّك بجملة ما لا يعلم وهو أمرٌ موجود حتّى بعد زوال النسيان إذ يصدق عليه أنّه لا يعلم هل يبقى المأمور به بعد إتمام العمل الذي قد نسى فيه جزئه أم لا، فالحديث يحكم برفعه الموجب لعدم وجوب الإعادة .
هذا تمام الكلام في الفقرة الاُولى وهي جملة ما لا يعلم .
وأمّا على الثاني وهو التمسّك بالحديث لفقرة النسيان حتّى يحكم بعدم وجوب الإعادة بأن يكون المأتيّ به هو المأمور به في حال النسيان بعدما عرفت أنّ ذلك إنّما يكون فيما إذا كان مقتضى إطلاق دليل الأمر المتعلّق بالمركّب أو دليل الجزء هو إطلاقه لحالي الذِّكر والنسيان عكس ما قلنا في ما لا يعلم، فإذا عرفت موضوع النزاع فنصرف عنان الكلام إلى ما ذكره الأعلام في المقام مثل المحقّق النائيني قدسسره في فوائده، فقال ما هو حاصله:
بأنّ الظاهر الأوّلي من قوله صلىاللهعليهوآله: رفع النسيان، وإن كان رفع نفس صفة النسيان وهي الحالة المنقدحة في النفس، إلاّ تنّه غير ممكن لأنّه كان من الاُمور التكوينيّة ولا تناله يد التشريع، وليس هناك أثر أخذ النسيان موضوعاً له شرعاً لكي يكون رفعه بلحاظ أثره.
بل يلزم من ذلك ترتيب آثار الصدور العمدي على الفعل الصادر عن نسيان لأنّه يفرض النسيان كالعدم أي كأنّه صدرَ عن عمد، فلازمه وجوب إقامة الحَدّ على من شرب الخمر نسياناً وهو كما ترى ينافي الامتنان.
فلا محيص من رفع اليد عمّا يقتضيه هذا الظاهر الأوّلي بتأويل المصدر يعني المفعول؛ أي جعل النسيان بمعنى المنسيّ فيكون المرفوع نفس الفعل الصادر عن المكلّف نسياناً بأن يفرض عدم وقوع الفعل منه وخلوّ صفحة الوجود عنه، فالمرفوع في حقّ من شرب الخمر نسياناً هو نفس الشرب لا وصف صدوره عن نسيان، فالرفع عنه إنّما يكون بلحاظ رفع آثاره المترتّبة عليه شرعاً من الحرمة وإقامة الحدود، ورفعه بهذا الاعتبار يكون موافقاً للامتنان ويوجب التوسعة والتسهيل.