درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تنبيهات متعلّقة بالجزء والشرط

 

الجهة الثانية: في أنـّه بعد الفراغ عن الحكم في عالم الثبوت، والقول بإمكان تعلّق الخطاب بالصورة الكليّة والعموم بالنحو الذي يشمل الناسي والجاهل، فإنّه لو فرض أنّ المكلّف لم يأت بما هو المأمور به في الواقع المركّب من عشرة أجزاء، لأنـّه قد نسى جزءاً منها، ففي هذه الحالة يكون التكليف المأمور به غير مأتي به وغير ممتثل، وحينئذٍ يأتي السؤال عن أنـّه هل لنا دليل آخر يدلّ على عدم وجوب الإعادة في حال النسيان، وكفاية ما أتى به من الناقص عمّا هو المأمور به التامّ، أم ليس لنا دليلٌ عليه، ولا مناص إلاّ العمل بمقتضى القاعدة ؟

أقول: من الواضح أنّ التكليف الثابت في ذمّته بوجوب بقيّة الأجزاء دون الجزء المنسي يحتاج إلى دليلٍ آخر غير الأدلّة المتكفّلة لبيان الأجزاء، وللمحقّق النائيني رحمه‌الله في المقام كلامٌ لا بأس بالتعرّض إليه، يقول:

(إنّ وجوب الإعادة إنّما يكون فيما إذا كان لدليل الجزء إطلاق يعمُّ حال النسيان، وإن لم يكن لدليل الجزء إطلاقٌ، واحتمل أن يكون جزئيّته مقصورة بحال الذُكر، فالمرجع عند الشكّ في الجزئيّة وعدمها في حال النسيان، هو أصالة البراءة، أو الاشتغال، على الخلاف في باب دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر، لأنّ الشكّ في ذلك يندرج في الشكّ بين الأقلّ والأكثر، ولعلّه إلى ذلك يرجع ما ذكره الشيخ قدس‌سره بقوله:

(إن قلت: عموم جزئيّة الجزء لحال النسيان يتمّ فيما لو ثبت الجزئيّة بمثل قوله: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب...»).

ثمّ نقل حاصل ما أفاده المستشكل: وهو أنّ دليل اعتبار الجزئيّة :

تارةً: يكون مثل قوله: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب».

واُخرى: يكون الدليل الإجماع.

وثالثة: يكون هو الحكم التكليفي المتعلّق بالجزء، مثل ما ورد: «اركع وتشهّد واسجد» ونحو ذلك.

والقول بثبوت الجزئيّة في حال النسيان إنّما يصحّ إذا كان الدليل هو الأوّل ممّا يفيد نفيالصلاة عن الفاقد للجزء. وأمّا الآخران فلايتمّ القول بالثبوت، لأنّ المتيقّن بالإجماع هو حال الذُكر، والحكم التكليفي لا يمكن أن يعمّ حال النسيان والغفلة، بل يختصّ بحال الذكر، وأمّا في حال النسيان فيختصّ التكليف ببقيّة الأجزاء، وتجري البراءة في الجزء المنسيّ على تقدير الشكّ في جزئيّة حال النسيان.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ المراد من الحكم التكليفي في كلام المستشكل، ليس هو الحكم التكليفي النفسي، وإن كان يوهمه ظاهر العبارة، لوضوح أنّ التكليف الاستقلالي لا يمكن أن ينتزع منه الجزئيّة والشرطيّة، فإنّ أقصى ما يقتضيه التكليف النفسي هو وجوب المتعلّق، وأمّا كونه جزءاً أو شرطاً فممّا لا يكاد أن يدلّ عليه الحكم النفسي.

نعم، قد تنتزع المانعيّة من النهي النفسي كما في باب النهي عن العبادة، وفي باب اجتماع الأمر والنهي، بناءً على الامتناع وتغليب جانب النهي، وأمّا الجزئيّة والشرطيّة فلا يمكن انتزاعهما من الأمر النفسي، وتصريح الشيخ قدس‌سره في المقام بصحّة انتزاع الشرطيّة من التكليف النفسي، ليس على ما ينبغي، ولا يبعد أن يكون مراده من الشرطيّة عدم المانع، كما ربما يشهد لذلك التمثيل بالحرير، وإلاّ فالشرطيّة الوجوديّة ممّا لا مجال لتوهّم صحّة انتزاعها من التكليف النفسي... إلى آخر ما ذكره بتفصيله)[1] .

 


[1] فوائد الاُصول: ج4 / 216.