97/10/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: تنبيهات متعلّقة بالجزء والشرط
أمّا الكلام في الجهة الاُولى: فقد يُقال إنّه لا إشكال في أنـّه لا يمكن ولا يُعقل ثبوت التكليف للجزء المنسيّ في حال النسيان ، لعدم قدرة المكلّف عليه في ذلك الحال ، ولا يُعقل توجيه الخطاب والتكليف به في حال النسيان بالنسبة إلى الجزء المنسيّ.
وأمّا التكليف بالنسبة إلى ما عدا الجزء المنسيّ من الأجزاء، فغير معقولٍ لو اُريد الأخذ بالعنوان في متعلّق المكلّف بالناسي عنواناً للمكلّف، ويخاطب بذلك، بداهة أنّ الناسي لا يرى نفسه واجداً لهذا العنوان، ولا يلتفت إلى نسيانه، لأنـّه بمجرّد الالتفات إلى نسيانه يخرج عن الناسي، ويدخل في الذاكر، فلا يمكن أن يكون الخطاب بعنوان الناسي محرّكاً لعضلات المكلّف، والالتفات إلى ما أخذ عنواناً لابدّ منه في تحقّق الانبعاث وانقداح الإرادة، فالمستطيع ما دام لم يجد نفسه مستطيعاً لم يكد يتحرّك إلى إرادته وتحصيله، وهكذا يكون الناسي، فما لم يتوجّه إلى كونه ناسياً وفاقداً للجزء، لم يتحرّك إلى إتيانه، ولو توجّه خرج عن حال النسيان وأصبح ذاكراً.
وعليه، فيقع البحث في أنـّه كيف يمكن توجّه الخطاب إلى الناسي بالنسبة إلى ما عدا الجزء المنسيّ بحيث يكون هو المأمور به ؟
وما قيل أو يمكن أن يُقال في تصوير العنوان الذي يمكن أن يتوجّه إلىالناسي، هو الخطاب بالنسبة إلى ما عدا الجزء المنسيّ، عبارة عن أحد الوجوهالتالية:
أحدها: ما حكاه المحقّق النائيني عن تقريرات بعض الأجلّة لبحث الشيخ قدسسرهفي مسائل الخَلل من قوله: (وسمعتُ على ما ببالي أنـّه كان الميرزا الشيرازي قدسسره).
وحاصل كلامه: يرجع إلى إمكان أخذ الناسي عنواناً للمكلّف، وتكليفه بما عدا الجزء المنسيّ، بتقريب أنّ المانع من ذلك ليس إلاّ توهّم كون الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في ذلك الحال، فلا يمكنه امتثال الأمر المتوجّه إليه، لأنّ امتثال الأمر فرع الالتفات إلى ما أخذ عنواناً للمكلّف.
ولكن يضعّف ذلك: بأنّ امتثال الأمر لا يتوقّف على أن يكون المكلّف ملتفتاً إلى ما أخذ عنواناً له بخصوصه، بل يمكن الامتثال بالالتفات إلى ما ينطبق عليه من العنوان ولو كان من الخطاء في التطبيق، فيقصد الأمر المتوجّه إليه من العنوان الذي يعتقد أنـّه واجدٌ له وإن أخطأ في اعتقاده، والناسي للجزء حيث لم يلتفت إلى نسيانه، بل يرى نفسه ذاكراً فيقصد الأمر المتوجّه، إليه بتخيّل أنـّه أمر الذكر، فيؤول إلى الخطأ في التطبيق، نظير قصد الأمر بالأداء والقضاء في مكان الآخر، فأخذ الناسي عنواناً للمكلّف أمرٌ بمكان من الإمكان، ولا مانع عنه لا في عالم الجعل والثبوت، ولا في عالم الطاعة والامتثال.