97/10/01
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: تنبيهات متعلّقة بالجزء والشرط
مختار الشيخ رحمهالله بطلان العبادة بالنقص سهواً، لعموم الدليل الدالّ على شمول جزئيّة الجزء لحال النسيان والغفلة، فحيث تركه سهواً يكون قد أتى بما ليس بمأمور به.
ثمّ أشكل على نفسه: بأنّ هذا العموم صحيحٌ لو ثبت جزئيّة الجزء بدليل لفظيّ، مثل: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب»، بخلاف ما لو ثبت بدليل لُبّي لا إطلاق له مثل ما لو قام الإجماع على جزئيّة شيء للصلاة، واحتمل اختصاصها بحال الذُكر فقط، فحينئذٍ لو شكّ فيه يرجع الشكّ إلى الشكّ في الجزئيّة حال النسيان، والمرجع فيه إلى ا لبراءة أو الاحتياط على الخلاف المتقدّم في الأقلّ والأكثر الارتباطيين.
ثمّ أجاب عن إشكاله: (بأنـّه إن كان المراد من عدم جزئيّة ما ثبت جزئيّته وارتفاعها بحديث الرفع في حقّ الناسي، إيجاب العبادة الخالية عن ذلك الجزء المنسيّ عليه، وهو غير صحيح، لعدم قابليّة الناسي لتوجيه الخطاب إليه، لأنـّه بالتوجّه إليه بالخطاب يخرج عن كونه ناسياً، ويتذكّر وينقلب الموضوع.
وإن اُريد منه إمضاء الخالي عنه في حال النسيان، بدلاً عن العبادة الواقعيّة، فهو حَسَنٌ، ولكن الأصل عدمه بالاتّفاق، فيصير معنى بطلان العبادة الفاقدة للجزء في حال النسيان معلوماً، فظهر أنـّه لا طريق لنا في إثبات صحّة العبادة فيه في حال النسيان)، انتهى ملخّص كلامه [1] .
أقول: بعد الوقوف على كلام الشيخ رحمهالله وعلى الإشكال المذكور حول أنّ علّة عدم صحّة عبادة فاقد الجزء لأجل النسيان، هو احتمال جزئيّة الجزء حال نسيانه، فلابدّ حينئذٍ من الحكم بالصحّة في مقام الإثبات على إثبات أمرين:
أحدهما: إثبات أنـّه هل يمكن ثبوتاً الحكم بصحّة عملٍ قد نقص أحد أجزائه؟
والثاني: بعد القبول والفراغ عن إمكان الثبوت، يقع البحث عن أنـّه هل يكون لنا دليلٌ في مقام الإثبات يقتضي التكليف بالمأتيّ به في حال نسيان الجزء من دليلٍ اجتهادي أو أصلٍ عملي، أو أنـّه ليس لنا في مقام الإثبات ما يقتضي ذلك، بل لايمكن إثبات دليلٍ على التكليف بالنسبة إلى الأجزاء الباقية من النسيان لوجود المحاذير كما ستعرف إن شاء الله تعالى ؟
فحينئذٍ يأتي الكلام في الجهة الثالثة: وهو أنـّه على فرض عدم إمكان كون الباقي مأموراً به ثبوتاً، أو عدم إمكان ذلك في مقام الإثبات، فهل لنا دليل اجتهادي أو أصل عملي يقتضي الاجتزاء بالمأتيّ به في حال النسيان، وكونه مُجزياً عن الواقع وإن لم يكن مأموراً به، أو ليس لنا دليلٌ على ذلك ؟
ثمّ يأتي الكلام في أنـّه عند الشكّ في جزئيّة الشيء بصورة الإطلاق أو لخصوص الذاكر، هل لنا أصلٌ يعيّن أحدهما أم لا؟