درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/09/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن جريان البراءة في الأسباب والمسبّبات والمحصِّل والمحصَّل وعدمه

 

القسم الثاني: الأسباب التي لم يردع عنها الشارع بل أمضاها، إلاّ أنـّه جعل له سبباً آخر في عرض تلك الأسباب العقلائيّة، كإعطاءه السببيّة للّفظ أو الفعل بحيث يوجب اتّساع دائرة الأسباب المحقّقة لتلك الحقيقة، مثل أنّ الشارع جعل ألفاظ البيع والشراء أسباباً لتحقّق البيع في عرض سببيّة المعاطاة لذلك عند العقلاء، لأنـّهم‌كانوا يعاملون‌بصوره‌المعاطاة،ويجعلون‌التعاطيوالمصافحه‌المصافقه‌ضرب اليد على اليد دليلاً على تحقّق البيع، والشارع أمضى ذلك مضافاً إلى تلك الألفاظ.

القسم الثالث: ما لا يكون المسبّب ولا السبب عقلائيّاً، بل كان كلّ منهما اختراعيّاً جعليّاً شرعيّاً، مثل ما قام به الشارع من جعل تحقّق الحدّ في ثلاث مرّات على المجرم والجاني سبباً لوجوب القتل في الثالث أو الرابع، فإنّ الأسباب وهي الحدود من إيقاع السياط بمأة أو ثمانين وغير ذلك إنّما هي من الأسباب المجعولة الشرعيّة، حيث لم تكن هذه الحدود موجودة عند العقلاء قبل جعل الشارع، كما أنّ المسبّب وهو وجوب القتل عند تعدّد الواقعة بعد إقامة الحدود يعدّ أمراً مجعولاً شرعيّاً، فهو المسبّب المجعول، ففي مثل ذلك لابدّ من الشارع التصرّف في كلّ من السبب والمسبّب، ولا يكفي جعل أحدهما عن جعل الآخر ولا يغنيه.

أقول: ممّا ذكرنا يظهر فساد كلام المحقّق النائيني القائل بأنـّه إذا كانت الأسباب من المسبّبات المجعولة الشرعيّة، فلا يمكن جعل مسبّباتها، لأنّ جعل أحدهما يغني عن جعل الآخر.

لأنـّا نقول: هذا يصحّ إذا كانت الأسباب والمسبّبات غير اختراعيّة، وأمّا إذا كان كلاهما من المخترعات الشرعيّة، فلا يغني أحدهما عن الآخر، بل لابدّ من تعلّق الجعل بكلّ واحدٍ منهما.

ثمّ لا يخفى عليك وجود الفرق في جعل السببيّة بين الجعل في عالم التكوين، والجعل في عالم التشريع، حيث إنّ الجعل في عالم التكوين يتعلّق بوجود السبب جعلاً بسيطاً، وسببيّة السبب حينئذٍ غير مجعولة إلاّ بالعَرَض، فالجاعل في عالم التكوين يجعل النار بنفسها ناراً ومؤثّرة أو سبباً إذ الجعل يتوجّه إلى أصل وجوده لا بوصفيّته، وهذا بخلاف الجعل في الأسباب التشريعيّة، حيث إنّ الجعل فيها يتعلّق بوصف السببيّة لا بأصل وجود السبب؛ أي يجعل الشارع ما ليس بسبب سبباً ويعطيه وصف السببيّة، مثل ما لو قال الإنسان لزوجته: (ظهرك كظهر اُمّي)، فإنّ هذه الجملة قبل جعل الشارع لم يكن سبباً لتحقّق الظِهار، ولا توجب حرمة زوجته، بخلاف بعدما جعله الشارع سبباً للظهار، فإنّه توجب نشر الحرمة بإيجاد هذا السبب، فهذه الألفاظ قبل الجعل التشريعي لم يكن إلاّ بمعناها اللّغوي، من دون حصول الافتراق بين الزوجين، وأمّا بعد جعل وصف السببيّة تصبح سبباً للافتراق، فالمجعول هي سببيّة تلك اللّفظة بما لها من المعنى الإنشائي، لا ذات السبب، وهكذا الأمر في مطلق الاُمور الاعتباريّة العقلائيّة والشرعيّة.

وعليه، فما اشتهر بين الألسن ـ وقد صرّح به المحقّق‌النائيني في تقريراته «فوائد الاُصول» ـ في الأسباب الشرعيّة بأنّ الجعل متعلّقٌ بنفس السبب، ويكون وصف السببيّة انتزاعيّاً ليس إلاّ الخلط بين السبب في التكوين والسبب في عالم التشريع، مع أنـّه قد ثبت الفرق بينهما حيث إنّ الجعل في التكوين يتعلّق بأصل وجود السبب، وفي الثاني بوصفيّة السببيّة مع كون أصل وجوده ثابتاً.