درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/09/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: نظريّة المحقّق العراقي في المقام

 

ثانياً: بأنـّه إذا لم يكن مورده من الأقلّ والأكثر، فلا وجه للقول بأنّ العلم الإجمالي هنا كان بصورة العلّية حتّى لا يجري فيه البراءة، أو بصوره‌الاقتضاء حتّى تجري فيه البراءة، لأنّ هذين الوجهين على فرض تسليم صحّتهما، كان فيما إذا كان مورده العلم الإجمالي، لا ما يكون المكلّف به معلوماً تفصيلاً، والشكّ متعلّقاً بأجزاء سببه كما في المقام .

هذا كلّه مع غمض النظر عمّا يرد عليه في كلامه في الطهارة من استظهاره من الأخبار، كونها بصورة تدريجي الحصول لا دفعيّاً، وعدم وضوح مراده من ذلك، ولكن تفصيل ذلك موكولٌ إلى محلّه وهو الفقه، ولسنا فعلاً في صدد بيان حقيقة المجعولات الشرعيّة.

***

الموضوع: البحث عن جريان البراءة في الأسباب والمسبّبات والمحصِّل والمحصَّل وعدمه

 

أقول: يدور البحث في هذا المقام عن أنـّه هل تجري البراءة في الأسباب والمسبّبات والمحصِّل والمحصَّل أم لا؟

وبيان أنّ المجعول هل الأسباب أو المسبّبات، أو كليهما من الأسباب والمسبّبات الشرعيّة؟

وتوضيح الأمر يتوقّف على مقدّمة وهي :

إنّ السببيّة والمسبّبيّة في الشرعيّات والاُمور الاعتباريّة العقلائيّة ليست بمعنى كون الأسباب مؤثّرات حقيقيّة في المسبّبات، أي لا يكون المسبّب موجوداً في عالم التكوين قبل وجود السبب وبعده وجدت، كما ليس معناهما تأثير الأسباب في إيجاد المسبّبات في عالم الاعتبار لا اعتبار العقلاء ولا اعتبار نفس الموجِد للسبب، لأنـّه لا يعقل أن يؤثّر السبب الذي يوجد بواسطة موجده مؤثّراً في اعتبار العقلاء، إذ الاعتبار أمرٌ قائم بنفوس العقلاء، فلا يمكن أن يكون لفظ (بعت) أو (اشتريت) موجباً لتحقق اعتبار العقلاء ولا اعتبار نفسه، لأنّ الاعتبار بنفسه شيءٌ لا يوجد إلاّ بأسباب خاصّة، ومبادئ مخصوصة، وليس وراء وجود الحقيقي والاعتباري شيء آخر يؤثّر السبب فيه، بل معنى السببيّة والمسبّبيّة العقلائيّة عبارة أنّ الأسباب تعدّ موضوعاً لاعتبار العقلاء بعد ذكر الأسباب، مثلاً إذا قال البايع: (بعتُ داري لزيد بكذا) وعلم العقلاء إرادة البايع لمعنى المنشأ لهذا اللّفظ، يجعلون ذلك موضوعاً لاعتبار الملكيّة لزيد عندهم وعند نفسه، فإذا علم البائع هذا الاعتبار عندهم، لترتّب عليه أثره من كونه مِلكاً له، ولا يجوّز لنفسه التصرّف فيه من دون إذن زيد، وعليه فلا يكون اللّفظ موجداً للمعنى الاعتباري لعدم حقيقة للمعنى‌الاعتباريمع‌قطع‌النظر عن‌اعتبارالعقلاء،بل يصير هذا موضوعاً لاعتبارهم واعتبار نفس المعنى الإنشائي الإيجادي المتحقّق بهذا اللّفظ .

فإذا عرفت المقدّمة في حقيقة السببيّة والمسبّبيّة الاعتباريّة ـ أو غيرها من المجعولات‌الشرعيّه‌فيالأسباب‌والمسبّبات ـ يجب أن نتعرّض إلى بيان أقسامها:

القسم الأوّل: أن يكون المسبّب عقلائيّاً من الأسباب العقلائيّة، فللشارع أن يردع عن تلك الأسباب ويجعل أسباب اُخرى مكانها، مثل‌الطلاق والبيع‌بالمنابذة حيث أنّ العقلاء كانوا يمارسون طرق عديدة لإبراز الطلاق سواءً من الأقوال والأفعال كأخذ يد المرأة وإخراجها من البيت، أو وضع الخمار على رأسها للدلالة على الطلاق، وهكذا في البيع حيث كانوا يعتبرون إلقاء الحصاة وإنباذه وإصابته إلى جنسٍ ومتاع سبباً لتحقّق الملكيّة له، ولكن الشارع ردع عنهما وجعل لتحقّق الطلاق والبيع أسباباً خاصّة مثل لفظ (هي طالق) أو (بعتُ واشتريت)، فالمعتبر السببيّة لذلك الأسباب وضع وصف السببيّة عن ما جعله العقلاء سبباً لذلك.