درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/09/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: نظريّة المحقّق العراقي في المقام

 

وبين ما لا يكون كذلك، بأن كان العنوان البسيط غير مختلف المراتب ونفي الحصول والتحقّق عند تماميّة محقّقة.

فعلى الأوّل لا قصور في جريان أدلّة البراءة عند الشكّ في المحقّق،ودورانه بين الأقلّ والأكثر؛ لأنّ الشكّ فيه كان في ازدياد سعة الأمر البسيط بازدياد أجزائه وضيقه، ففيمثله يرجع‌الشكّ إلى الأقلّ والأكثر،فتجري فيه البراءة عقلّيها ونقليّها، من غير فرقٍ بين كون الأسباب من الأسباب العقليّة أو العاديّة أو الشرعيّة .

بخلاف الثاني لكون الأمر البسيط فيه دفعيّ الحصول عند تحقّق الجزء الأخير من علّته، فلابدّ فيه من الاحتياط، لأنّ التكليف قد تعلّق بمفهوم مبيّن معلوم بالتفصيل بلا إبهام فيه، والشكّ إنّما كان في تحقّقه والفراغ منه بدونه، والعقل يستقلّ بوجوب الاحتياط تحصيلاً للجزم بالفراغ، ولازمه المنع عن جريان الاُصول النافية فيه أيضاً، بلا فرقٍ بين كون الأسباب من أيّ قسمٍ من الثلاثة.

نعم، بناءً على تعليقيّة حكم العقل بالفراغ الجزمي على عدم مجيء الترخيص على الخلاف، كما هو أساس القول باقتضاء العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة، لا قصور في جريان الأدلّة المرخّصة حتّى في فرض كون الأسباب من العقليّة والعاديّة، فضلاً عن الشرعيّة، فيجري فيه البراءة.

إلى أن قال: ولكن التحقيق: فساد المبنى، والصحيح هو تنجيزيّة حكم العقل عند اليقين بالاشتغال بوجوب تحصيل الجزم بالفراغ الأعمّ من الحقيقي والجعلي على نحوٍ يأبى عن الترخيص على خلافه)، انتهى ما هو المطلوب من كلامه[1] .

أقول: وفي كلامه مواضع من الإشكال :

أوّلاً: بأنّ المأمور به إذا كان أمراً بسيطاً ومسبّباً عن عدّة أجزاء للسبب، فإنّه لا وجه لجعل المسبّب أمراً ذا أجزاء حتّى تكون البراءة جارية في بعض أجزائه المشكوك، لأنـّه لا يجامع فرض بساطته مع كونه ذا أجزاء، فإذا لم يكن ذا أجزاء فلا وجه لإجراء البراءة فيه، بل لا يجري فيه الشكّ من تلك الحيثيّة، بل حيثيّة شكّه يدور بين الوجود والعدم لا الصحّة والفساد الذين كانا من أوصاف الوجود، فالشكّ في المسبّب يوجبُ الشكّ في تحقّق الامتثال وعدمه، فالأصل فيه حينئذٍ الاشتغال لا البراءة .

نعم، إن أمكن فرض كون المُثبت أمراً مركّباً ذا أجزاء والشرائط، وشككنا في جزءٍ من أجزائه أو شرطٍ من شرائطه ، فيصحّ حينئذٍ جريان البراءة فيه ، لكنّه خلاف للفرض.

فحينئذٍ نصرف عنان الكلام إلى الطهارة عن الحَدث في الغُسل والوضوء، إن قلنا بأنّ المأمور به عبارة عن نفس الغَسَلات الثلاث في الغُسل، والمسحتين والغسلتين في الوضوء، فتجري فيه البراءة، لكنّه ليس من قبيل السبب والمسبّب المحصِّل والمحصَّل، وخارجٌ عن الفرض، وإن جعلنا المأمور به والمتعلّق للأمر هو الطهارة، وقلنا بأنـّها حاصلة عن الغَسَلات والغسلتين والمسحتين، فالمسبّب لا يحصل إلاّ بعد وجود جميع أجزائه، سواء كانت أجزاء السبب حاصلة دفعةً أو تدريجاً، لأنّ وجود المسبّب لا يحصل في كليهما بعد تحقّق جميع أجزائه، فحينئذٍ عند الشكّ في جزءٍ من أجزاء السبب، شكّ في تحقّق مسبّب بذلك السبب الناقص، فالأصل عدمه، لأنّ الشكّ هنا ليس في الأقلّ والأكثر، لأنّ المسبّب ليس إلاّ شيئاً واحداً، وتعدّد أجزاء السبب لا يؤثّر فيما هو المقصود من البراءة لعدم كونه مأموراً به، ومن هنا ظهر لك الإشكال عليه .

 


[1] نهاية الأفكار: ج3 / 401.