97/09/17
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الأسباب والمحصّلات
وثالثة: أنّ ما ادّعاه في متن كلامه بأنّ الأكثر سببيّته مقطوعٌ ومعلوم، والمشكوك هو سببيّة الأقلّ، فرفعه ينتج عكس المقصود، لا يخلو عن تسامح، لأنّ الأكثر ليس مقطوع السببيّة، بل يشتمل على القطع بحصول السببيّة، لأنـّه إمّا بنفسه سببٌ، أو كان مشتملاً على ما هو السبب وهو الأقلّ، فدعوى أنـّه سببٌ قطعاً بوصف السببيّة لا يخلو عن إبهام.
كما أنّ ما عبّر في حاشيته بأنّ: (دخالة سببيّة الأقلّ في المسبّب أمرٌ معلوم) لا يخلو عن وهم، لأنّ المقصود في متن كلامه هو إثبات سببيّة الأقلّ بنفسه لا دخالته، لأنّ الثاني يجامع مع كونه جزء السبب بخلاف الأوّل .
أقول: وكيف كان، إنّ ما ذكره من الفرق بين المقام وبين الأقلّ والأكثر في التكاليف ليس بفارق، بل الفارق هو مركزيّة الأمر حيث إنّه في الثاني عبارة عن نفس المركّب منه الأجزاء، بخلاف المقام لأنّ الأمر متعلّق على الشيء البسيط وتكون الأسباب محصّلة له، فالشكّ فيه شكّ في الفراغ والامتثال دون الأوّل.
وأيضاً: بالتأمّل فيما ذكرنا يظهر لك عدم الفرق في الحكم بالاشتغال بين كون الأمر البسيط دفعي الحصول والتحقّق، أو متدرّج الحصول من قبيل أجزاء محقّقة، كما لا فرق فيما ذكرنا بين كون العلم الإجمالي علّة تامّة للتنجّز، أو كان مقتضياً له، بحيث يجوز للشارع إصدار حكم الترخيص على خلافه.
الموضوع: نظريّة المحقّق العراقي في المقام
أقول: ما مرّ تفصيله وبيانه يخالف ماسلكه المحقّقالعراقي فينهايته، حيث ذهب إلى هذين التفصيلين، ولذلك لا بأس بذكره ولو بنحو الإجمال فقال ما هو حاصله:
(والتحقيق: هو التفصيل :
بين أن يكون العنوان البسيط المأمور به ذا مراتب متفاوتة، متدرّج الحصول والتحقّق من قبل أجزاء علّته، بأن يكون كلّ جزء من أجزاء سببه مؤثّراً في تحقّق مرتبة منه، إلى أن يتمّ المركّب، فيتحقق تلك المرتبة، نظير مرتبة خاصّة من النور الحاصلة من عدّة شموع، والظاهر أنـّه من هذا القبيل باب الطهارة كما يكشف عنه ظاهر بعض النصوص الواردة في غُسل الجنابة :
من نحو قوله عليهالسلام: «تحت كلّ شعرة جنابة، فبلّوا الشعر وانقوا البشرة».
وقوله في الصحيح: «كلّ ما جرى عليه الماء فقد طهر».
وقوله عليهالسلام في الصحيح الآخر: «وكلّ شيء أمسسته الماء فقد أنقيته».
ويعضده استدلال جمعٌ منهم على ناقضيّة الحدث الأصغر الواقع في أثناء الغُسل، بأنّ الحدث الأصغر ناقضٌ للطهارة بكمالها فلأبعاضها أولى.