درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/09/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الأسباب والمحصّلات

 

وقع فيه الخلاف بين الأعلام، حيث يظهر من المحقّق النائيني والخميني رحمهمااللهعدم جريان البراءة فيها، بخلاف المحقّق العراقي حيث فصّل بين ما لو كان العلم الإجمالي مقتضياً للتنجيز فيجري فيها البراءة، وبين ما يكون علّة تامّة للتنجّز، فلا يجري فيها البراءة، وحيث كان التفصيل المذكور عن العراقي جارياً في كلٍّ من الأسباب العقليّة والعاديّة والشرعيّة، فندع بحثه هنا في تلك المسألة وهي بيان الأسباب الشرعيّة فنذكره وما يرد عليه، ولكن قبل ذلك ينبغي أن نتعرّض للاختلاف الواقع بين المحقّقين النائيني والخميني رحمة الله عليهما في أنّ المسبّب في الأسباب العقليّة والعاديّة، هل هو من المجعول الشرعي كما يستفاد من ظاهر كلام المحقّق النائيني ؟

أم لا يعدّ من المجعول الشرعي كما عليه المحقّق الخميني قدس‌سره؟

قال النائيني في «فوائد الاُصول»: (والأقوى عدم جريان البراءة عن الأكثر مطلقاً في الأسباب العاديّة والعقليّة والشرعيّة:

أمّا في الأسباب العادية والعقليّة: فواضحٌ، فإنّ المجعول الشرعي فيها ليس إلاّ المسبّب، ولا شكّ فيه، والمشكوك فيه ليس من المجعولات الشرعيّة، ولا تناله يد الوضع والرفع التشريعي، فلا يعمّه أدلّة البراءة، فالشكّ في جزئيّة شيءٍ للسبب أو شرطيّته يرجع إلى الشكّ في حصول متعلّق التكليف وتحقّق الامتثال عند عدم الإتيان بالأكثر، والعقل يستقلّ بوجوب إحراز الامتثال والقطع بالخروج عن عُهدة التكليف، ولا يحصل ذلك إلاّ بالإتيان بكلّ ما يحتمل دخله في السبب وذلك واضح)، انتهى موضع الحاجة[1] .

أورد عليه المحقّق الخميني قدس‌سره في «أنوار الهداية»: من أنّ كون المجعول الشرعي ليس فيها إلاّ المسبّب ـ كما وقع في تقريراته من ظهور فيه ـ فإنّ المسبّبات العقليّة والعاديّة كأسبابها ليست تحت الجعل التشريعي. نعم، قد تعلّق الأمر بتحصيلها كما أشرنا إليه، وكيف كان، فلا إشكال في وجوب الاحتياط فيها وعدم جريان البراءة شرعاً أو عقلاً)، انتهى[2] .

لا أقول: يخفى بأنّ العَلمين المذكورين رحمة الله عليهما متّفقان في المدّعى وهو عدم جريان البراءة، إلاّ أنّ اختلافهما في طريقة الاستدلال، والظاهر صحّة كلام سيّدنا الاُستاذ المحقّق الخميني قدس‌سره، لأنـّا نقول في توضيح ذلك:

إنّه ما المراد من الجعل التشريعي الواقع في كلام النائيني رحمه‌الله؟

إن أراد منه تعلّق الأمر الشرعي به والحكم بتحصيله، فلا إشكال أنـّه حاصلٌ، لأنـّه المفروض، إلاّ أنـّه بهذا المعنى تكون الأسباب أيضاً مأمورة بها في لسان الدليل، ففي مثل ذلك كيف له أن يقول إنّه: (ممّا لا تناله يد الوضع والرفع من الشارع)، مضافاً إلى أنـّه خلافٌ لاصطلاح الجعل التشريعي، لأنّ المقصود منه في أمثال المقام هو الجعل بالحكم الوضعي، مثل جعل الطهارة والزوجيّة والنجاسة ونظائرها، وهو يصحّ دعوى عدم كون الأسباب ممّا تنالها يد الوضع والرفع من الشارع، لكون المفروض أنـّها عقليّة وعاديّة، ففي مثلها كما لا تنال يد الوضع والرفع للأسباب لا تنال يده للمسبّبات لكونها عادية أو عقليّة، وبالجملة فدعوى كونها مجعول شرعي لا تخلو عن مسامحة.

هذا كلّه في الأسباب والمسبّبات العقليّة والعاديّة.

 


[1] فوائد الاُصول: ج4 / 144.
[2] أنوار الهداية: ج2 / 318.