97/09/10
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: دوران الأمر بين قيام الحجّة وعدمه لإجمال النّص
وأمّا القسم الثاني منه: وهو ما لو دار الأمر بينهما في الحجّية وجعل الأحكام الظاهريّة، مثل العامي العاجز عن العمل بالاحتياط من وجوب التقليد عن الأعلم وجوباً تعيينيّاً أو عنه وعن غير الأعلم بوجوب تخييري، فيرجع الشكّ هنا إلى علم تفصيلي بحجيّة التقليد عن الأعلم، والشكّ في حجيّة تقليد غير الأعلم، حيث أنّ العمل بالأعلم مبرئ للذمّة قطعاً، بخلاف غير الأعلم، حيث أنّ الشكّ في الحجّية فيه مساوقٌ لعدم الحجّية كما مضى تفصيل بحثه في باب حجّية الظنّ، ولا فرق في عدم الحجّية بين كون الشكّ في الحجّية فيه من جهة الشبهة في الحكم أو في الموضوع، والنتيجة هي وجوب التعيين، وهو المطلوب.
الموضوع: دوران الأمر بين الدليلين المتزاحمين
وأمّا القسم الثالث: وهو ما لو دار الأمر بينهما بواسطة عدم إمكان الجمع بينهما في مقام الامتثال لأجل التزاحم، كما لو احتمل أنّ أحد الغريقين نبيّ وهو لا يقدر إلاّ على إنقاذ أحدهما، وكان ذلك الذي يحتمل كونه نبيّاً معلوماً في الفردين، فمعنى ذلك أنـّه :
إمّا لابدّ له من إنقاذه، لأجل كون وجوبه تعيّناً لكونه نبيّاً باحتمال أهمّية ملاكه، أو أنـّه غير نبيّ فليس فيه الوجوب المذكور، ممّا ينتهي الأمر إلى أنـّه مخيّر بينهما.
أقول: الظاهر أنّ الوجوب هنا تعيينيٌّ، لأنـّه لا إشكال في سقوط أحد التكليفين عن الفعليّة نتيجة عجزه عن الامتثال لها، برغم أنّ الملاك موجود فيها، فإحراز الملاك يكون في الوجوب مثل إحراز نفس التكليف، فيتنجّز عليه التكليف قطعاً، غاية الأمر لو امتثل وأتى بما يحتمل أهمّية ملاكه، أوجب ذلك سقوط التكليف، وبرأت ذمّته قطعاً، هذا بخلاف ما لو أتى بالآخر حيث إنّه يحتمل كون الملاك الذي ثبت كان أهمّ ولا حجّة عليه.
نعم، لو عصى وتخلّف عن إتيانه، وجب عليه الإتيان بالمهمّ والآخر من باب الترتّب، حيث أجزنا ذلك فيه في باب التكليف بالضدّين إذا كان أحدهما أهمّ، هذا بخلاف ما لو كان الملاك في الواجبين متساويين، حيث لا يعقل تعلّق التكليف بأحدهما بخصوصه، لأنـّه يصير من باب الترجيح بلا مرجّح وهو غير جائز.
ولا فرق في تقديم ما هو محتمل الأهمّ بين أن يكون عجز المكلّف عن الجمع لأسباب تكوينيّة، كما لو لم يقدر على الجمع حقيقةً، أو كان ذلك لأسباب تشريعيّة أي من جهة أنّ الشارع قد منع عن الجمع مع الآخر في مورد بخصوصه، برغم وجود القدرة على الجمع تكويناً، فتقديم المهمّ على الأهمّ في كلا الموردين يكون من باب تفويت الملاك والغرض بالاختيار، وهو غير جائز.