97/08/30
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: دوران الأمر بين التخيير وسقوط التكليف
ثمّ أورد رحمهالله عليه ثالثاً: (بأنّ التمثيل بمثل هذه المسألة للقراءة والايتمام غير صحيح؛ لأنـّه لا إشكال في كون مقتضى القاعدة في أفراد الكلّي إذا كان الإنسان مخيّراً فيه، وتعذّر بعض أفراده، أنـّه يتعيّن الآخر مثل الصلاة في البيت والمسجد، حيث كان الإنسان فيه متخيّراً، فإذا تعذّر أحدهما يتعيّن الآخر، هكذا يكون في المقام حيث يتعيّن الايتمام بتعذّر القراءة، إلاّ أنـّه وردت النصوص الدالّة على كفاية البدليّة بالملحون إذا تعذّر جميع أفراد المختار.
ثمّ قال في آخر كلامه: ولولا هذه النصوص لكان مقتضى القاعدة هو وجوب الايتمام على من لم يتمكّن من القراءة الصحيحة)، انتهى كلامه .
أقول: لا يخفى عليك أنّ الفقهاء قد اختلفوا في حكم هذه المسألة وبحثوا عن أنـّه هل يجب لمن عجز عن القراءة الصحيحة الايتمام أم لا؟
ذهبإلىالثانيصاحب«العروة»والمحقّقالاصفهاني وكثيرٌ منأصحابالتعليق عليها، والتزمنا نحن بوجوب الاحتياط بالايتمام لو لم يستلزم ذلك العسر والحرج تبعاً للمحقّق السيّد أحمد الخوانساري والميلاني وغيرهما، ولكن المسألة متوقّفة على ملاحظة لسان دليل البدليّة، وأنّ مقتضاه بدليّة الملحون عن الفصيح حتّى مع إمكان إحضار بعض أفراده الاختياري، أو محمولٌ بما إذا لم يتيسّر جميع أفراده؟
فعلى الأوّل لايكون الايتمام عِدْلاً للقراءهالفصيحهبوجوبتخييريشرعي،بل لو كانتخييريّاًلكانعقليّاً،وهوغير متعذّر،لإمكانالقراءهعليه ولو بصورهالملحون.
هذا بخلاف الثاني، حيث يتعيّن عليه الايتمام بمجرّد تعذّر القراءهالصحيحة.
وأمّا في صورة عدم الاستظهار من الدليل بأحد الوجهين جزماً والتردّد في مدلوله، يأتي البحث عن أنّ مقتضى الأصل هل هو وجوب الايتمام، أو عدمه بعد العلم بأنّ الصلاة لا تترك بحالٍ، فيدور الأمر :
بين عدم الاشتغال بأن يأتي بالصلاة مع القراءة الملحونة والاكتفاء بها الموجب للشكّ في السقوط في التكليف الثابت.
وبين أن يأتي بالإتمام الموجب للقطع بالفراغ.
لا إشكال في رجحان الثاني، ما لم يستلزم إتيانه العُسر والحَرج الموجبان لرفعه بذلك الدليل، ولأجل ذلك حكمنا بالاحتياط فيه كما في «تعليقتنا على العروة» فارجع.