درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/08/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: دوران الأمر بين التخيير وسقوط التكليف

 

وأمّا الصورة الثانية: وهي أن يعلم وجوب فعلٍ في الجملة، ويعلم أيضاً سقوطه عند الإتيان بفعل آخر، وثُمّ دار الأمر بين أن يكون الفعل الثاني عِدْلاً للواجب تخييراً بينه وبين الواجب الأوّل، أو مسقطاً له لاشتراط تكليف الأوّل بعدمه، وقد مثّلوا لها بالقراءة لواجبة في الصلاة المردّدة بين أن يكون وجوبها وجوباً تعيينيّاً مشروطاً بعدم الايتمام، أو تخييريّاً بين الايتمام وبين القراءة.

وتظهر الثمرة بينهما فيما إذا عجز المكلّف عن القراءة، فعلى فرض كونها واجبة تخييريّاً يتعيّن عليه الايتمام، كما هو مقتضى الوجوب التخييري إذا تعذّر أحد العِدْلين، وعلى تقدير كون عدم الايتمام شرطاً لا يجب عليه الايتمام عند العجز عن القراءة، فيأتي البحث عن أنّ مقتضى الأصل هنا هل هو التعيين أو التخيير.

وبعبارة اُخرى: هل الأصل الجاري هو البراءة أو الاشتغال؟

قال المحقّق الخوئي: الظاهر المستفاد من كلمات الأصحاب هو جريان أصل البراءة، ونتيجته وجوب التعيين دون التخيير، لأنّ الشكّ هنا راجع إلى عدم معلوميّة حال العِدْل الآخر مثل الايتمام في الفرض المزبور، لأنـّه لا يعلم أنـّه واجبٌ تخييري لكونه عدلاً له حتّى يجب الإتيان به عند تعذّر الواجب الأوّل، أو لا يكون واجباً بل عدمه شرط، فلا يجب عليه أداءه عند تعذّر الآخر، فالأصل البراءة، ولازم هذا الأصل وجوب القراءة تعييناً، هذا كما في «مصباح‌الاُصول»[1] .

ثمّ أورد رحمه‌الله عليه: بأنّ إثبات الوجوب التعييني للقراءة حال القدرة على القراءة، بواسطة أصل عدم وجوب الايتمام، غير صحيحٍ قطعاً، للعلم بأنّ الايتمام في تلك الحالة جائز ولا يجب عليه الإتيان التفرّد بالصلاة، حتّى يحتاج إلى قراءة القراءة، وعلى فرض التعذّر عن القراءة، فأصالة عدم وجوب الايتمام وإنْ‌كان‌جارياً،لكنّه لا يُثبت في هذه الحالة وجوب القراءة تعييناً، لأنـّه تكليفٌ على المحال، لأنـّه:

غير قادر عليها أوّلاً .

ولأنـّه مثبت ثانياً.

ولأنـّه ساكتٌ عن حكم العِدْل الآخر ثالثاً، ولذلك يجوز بيان جعل العوض للقراءة، ولا يعارضه أصل البراءة، وعليه فالقول بأنّ مقتضى الأصل هو إثبات الوجوب التعييني للعِدْل الآخر ممّا لا يخلو عن مسامحة، بل غايته نفي وجوب التخييري عنه، فتأمّل جيّداً.

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 451.