97/08/20
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن جريان البراءة في الأقلّ والأكثر الارتباطي عند الشكّ في ما عدا الاجزاء
يدور البحث في المقام في المورد الثاني من الأقلّ والأكثر الارتباطيّين، وهو فيما لو كان الشكّ فيما عدا الجزء المشكوك، بل كان في الشرط والمشروط والمطلق والمقيّد والعامّ والخاصّ والجنس والنوع، فلا بأس بتفصيل الكلام فيه وبيان أقسامه وأحكامه في المركّبات الاعتباريّة، فنقول ومن الله الاستعانة:
القسم الأوّل: من المركّب الاعتباري ما يكون من قبيل الشرط والمشروط، بحيث يكون الشرط له وجودٌ مستقلّ فيالخارج،غاية الأمر يحتمل تقييد المأمور به، بأن يكون تقييده بجزءٍ ذهني داخلاً في المأمور به، لا بجزءٍ خارجي، وهو كالطهارة والتستّر بالنسبة إلىالصلاة،فهل يجري فيه البراءهالعقليّة والنقليّة مطلقاً؟ أم لا مطلقاً؟ أو يفصّل بين الاُولى بعدم الجريان والثانية بالجريان؟ فيه خلاف.
القول الأوّل: للمحقّق الخراساني حيث ذهب إلى التفصيل في البراءة النقليّة دون العقليّة، بناءً على مسلكه من عدم جريان البراءة العقليّة في جميع أقسام المركّبات الاعتباريّة، بل ادّعى بأنّ عدم جريانها هنا أظهر من عدم جريانها في الأجزاء؛ لأنّ الانحلال المتوهّم هناك بتقريب كون الأقلّ بما علم وجوبه تفصيلاً إمّا نفسيّاً أو مقدّميّاً لا يكاد يتوهّم في المقام، فإنّ الجزء الخارجي ممّا يمكن فيه دعوى اتّصافه بالوجوب الغيري المقدّمي، إذ لكلّ جزء خارجي وجودٌ آخر مستقلّ غير وجود الآخر، وإن كان العرف يرى للمجموع وجوداً واحداً، بخلاف الجزء التحليلي كالمقيّد والتقيّد، والجنس والفصل، فلا وجود له خارجاً غير وجود المجموع الواجب بالوجوب النفسي الاستقلالي، ولذلك اعتقد رحمهاللهفي باب التعبّدي والتوصّلي بأنّ الجزء التحليلي العقلي لا يتّصف بالوجوب حتّى بالوجوب النفسي الضمني، هذا هو الوجه الذي ذكره في الكفاية.
وأمّا البراءة النقليّة: فذهب إلى جريانها بمقتضى حديث الرفع حيث يدلّ على عدم شرطيّة ما شكّ في شرطيّته في هذا القسم فقط، لا في مثل العام والخاص أو الجنس والنوع الذي كان عند العرف بمنزلة المتباينين لا الأقلّ والأكثر، فإنّه لا يجري فيه البراءة من العقليّة والنقليّة، بل لابدّ من الاحتياط والإتيان بالخاص والنوع حتّى يحصل القطع بالفراغ، هذا.
القول الثاني: وهو القول الذي ذهب إليه المحقّق القمّي والنائيني والعراقي ومن تبعهم كالفيروزآبادي في «عناية الاُصول» من الحكم بجريان البراءة العقليّة والنقليّة في القسم الأوّل بخلاف القسم الثاني، وهو ما إذا كان القيد متّحداً مع المأمور به ولم يكن مستقلاًّ، ولم يكن من مقوّماته الدخيلة في حقيقته، بل كانت نسبته إليه نسبة الصفة إلى الموصوف، والعارض إلى المعروض؛ كالإيمان بالنسبة إلى الرقبة حيث كان متّحداً معه من حيث وجوده الخارجي، إلاّ أنـّه ليس من قوام الرقبة، هذا.
بل وهكذا القسمالثالث، كما لو كان القيد من قوامه ومقوّماتهالدخيلة،كالإنسان بالنسبة إلى الحيوان وغير ذلك من الفصل والجنس.
القول الثالث: الحكم بجريان البراءة العقليّة والنقليّة في جميع الأقسام، وهو الذي نسب إلى الشيخ الأنصاري ووافقه المحقّق الخميني، بل الخوئي في بعض أقسامه، وإن كان الشيخ رحمهالله قد تردّد في إلحاق الشرط بالجزء، إلاّ أنـّه قالَ بعد ذلك: (فالأقوى في الشرط هو الإلحاق ويستقرّ إشكاله في البراءة عقلاً ونقلاً في الشكّ في التعيين والتخيير)، وهذا ما سنشير إليه لاحقاً، وهو يعدّ قسماً رابعاً في المسألة.