97/07/16
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن جريان البراءة الشرعيّة في الأقلّ والأكثر الارتباطي
هذا على حسب ما نقله المحقّق الخوئي عنهما في مصباحه[1] .
قال المحقّق الخوئي: في معرض المناقشة معهما:
بأنّ التحقيق عدم التفكيك بينهما، وأنـّه على تقدير عدم جريان البراءة العقليّة، فلا تجري الشرعيّة أيضاً؛ لأنّ عمدة ما توهّم كونه مانعاً عن جريان العقليّة أمران:
الأوّل: لزوم تحصيل الغرض المردّد ترتّبه على الأقلّ والأكثر.
الثاني: أنّ الأقلّ المعلوم وجوبه على كلّ تقدير هو الطبيعة المردّدة بين الإطلاق والتقييد، وكلاهما مشكوك، فلا ينحلّ العلم الإجمالي، لتوقّفه على إثبات الإطلاق، وعليه يكون الشكّ في سقوط التكليف بإتيان الأقلّ لا في ثبوته، فيكون مجرىً لقاعدة الإشكال دون البراءة.
ومن الظاهر أنّ هذين الوجهين لو تمّ كان مانعاً عن الرجوع إلى البراءة الشرعيّة أيضاً .
أمّا الوجه الأوّل: لأنّ الغرض الواصل بالعلم الإجمالي لو لزم تحصيله على كلّ تقدير، كما هو المفروض، فلا ينفع الرجوع إلى مثل حديث الرفع في ظرف الشكّ في حصول الغرض بإتيان الأقلّ، لأنّ غاية الحديث هو رفع الجزئيّة عن المشكوك ظاهراً، وهو لا يثبت كون الغرض مترتّباً على الأقلّ إلاّ بالأصل المثبت، فحديث الرفع يثبت عدم العقاب بترك الجزء المشكوك لا رفع العقاب المترتّب بترك تحصيل الغرض .
نعم ، لو كان مفاد دليل الرفع عن الجزئيّة من الأمارات الناظرة إلى الواقع ، لترتّب عليه لوازمه العقليّة، فيحكم بترتّب الغرض على الأقلّ، لحجيّة مثبتتاتها دون الاُصول .
كما أنـّه لو كان دليل البراءة الشرعيّة وارداً في خصوص دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر، لزم الحكم بكفاية الأقلّ وترتّب الغرض عليه، صوناً لكلام الحكيم عن اللغويّة، وحيث لم يكن شيئاً منهما، فلابدّ من القول بالاشتغال بعد حكم العقل بوجوب تحصيل الغرض وعدم العلم بترتّبه على الأقلّ .
وأمّا الوجه الثاني: فلأنّ جريان البراءة عن الأكثر؛ أي عن تقييد الأقلّ بانضمام المشكوك لا يثبت تعلّق التكليف بالأقلّ على نحو الإطلاق، إلاّ على القول بالأصل المثبت؛ لأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد ثبوتاً هو التضادّ، فلا يمكن إثبات الإطلاق بنفس التقييد، ومعه لا ينحلّ العلم الإجمالي المقتضي لوجوب الاحتياط، فلا تجري البراءة الفعليّة، كما لا تجري البراءة العقليّة.
نعم ومع الانحلال لا يحتاج إلى إثبات الإطلاق، بل يكفيه جريان الأصل في أحد الطرفين بلا معارض، إذ جرت البراءة الفعليّة والعقليّة بملاك واحدٍ) انتهى ملخّص كلامه[2] .
أقول: ولكن يمكن أن يرد على كلامه:
بأنـّه ربما يُدّعى أنّ المانع عن جريان البراءة العقليّة ليس منحصراً بالأمرين اللّذين ذكرهما: من لزوم تحصيل الغرض، وعدم انحلال العلم لمثبتيّة الأصل في إثبات الوجوب للأقلّ بواسطة أصالة عدم التقييد، بل يمكن أن يكون وجه المانعيّة هو وجود خصوصيّة في الأقلّ والأكثر الارتباطي كما ادّعاه صاحب «الفصول»، أو حسب ما قرّره المحقّق النائيني، فلو كان المانع هذا فهو لا يصلح للمانعيّة عن جريان البراءة الشرعيّة بواسطة حديث الرفع، حيث يرفع جزئيّة المشكوك، فينحصر في وجوب الأقلّ، هذا مع غمض النظر عن بعض ما قاله المحقّق فيما يرد عليه حيث نتركه رعايةً للاختصار.