97/07/08
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: نظريّة الشيخ الأنصاري بالاحتياط في الجزء المشكوك
التقريب الثاني: هو أن يقال بأنّ الأوامر والنواهي المتعلّقة بتلك العناوين كالصلاة والغيبة وإن كانت أوامر ونواهي شرعيّة مولويّة حقيقيّة لا إرشاديّة كما في السابق، إلاّ أنّ المصالح والمفاسد هي الأغراض والغايات لتلك الأوامر والنواهي، ولا مجال لإحراز الغرض إلاّ بالإتيان بالأكثر.
وإن شئت قلت: إنّ المصالح والمفاسد والأغراض المولويّة علّة البعث نحو العمل، وعلّة لظهور الإرادة في صورة الأمر والزجر، فكما أنّ وجود الأشياء وبقائها إنّما هو بوجود عللها وبقائها، فهكذا انعدامها وسقوطها بسقوط عللها وفنائها، فحينئذٍ العلم بسقوط الأوامر والنواهي يتوقّف على العلم بسقوط الأغراض، وحصول الغايات الداعية إليها، فمع الإتيان بالأقلّ يشكّ في إحراز المصالح، فيشكّ في سقوط الأوامر، فمع العلم بالثبوت لابدّ من العلم بالسقوط وهو لا يحصل إلاّ بالإتيان بالأكثر.
وما ذكرناه هو ما حصل وأشار الشيخ الأعظم قدسسره إلى التقريبين بقوله:
(إنّ اللّطف إمّا هو المأمور به حقيقةً أو غرضللآمر،فيجبتحصيلالعلمبحصول اللّطف، ولا يحصل إلاّ بإتيان كلّ ما شكّ في مدخليّه)، انتهى موضع الحاجة[1] .
فأجاب الشيخ عنه بما قد أورد عليه :
أوّلاً: مسألة الاحتياط والبراءة غير مبنيّة على كون كلّ واجبٍ فيه مصلحة وهو لطف في غيره، فنحن نتكلّم فيها على مذهب الأشاعرة المُنكرين للحسن والقبح، أو على بعض العدليّة المكتفين بوجود المصلحة في الأمر، وإن لم يكن في المأمور به، هذا .
وقد أورد السيّد الخوئي قدسسره على هذا الجواب: بأنـّه جدليٌ، لأنّ جواز الرجوع إلى البراءة على مسلك الأشعري لا يجدي التأمّل ببطلانه.
أقول: وفيه ما لا يخفى، فإنّ التأمّل في كلام الشيخ قدسسره يرشد إلى غير ما ذكره، لأنـّه أضاف قول من يقول بوجود المصلحة في نفس الأمر وإن لم يكن في المأمور به، فمع ذلك يجري البراءة، فمقصود الشيخ رحمهالله أنـّه لابدّ من تعميم البحث ليشمل مثل هؤلاء، فلا أقلّ من التفصيل في المسألة، وليس من ذلك في كلامهم عينٌ ولا أثر، فيفهم أنّ القول بالبراءة في الأقلّ والأكثر صحيح ولو كانت الأوامر والنواهي تابعة للمصالح والمفاسد، ولا تدور المسألة محور ذلك حتّى يقال بالاحتياط لمن قال بمقالتنا.