97/02/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: ظهر ممّا ذكرنا أنـّه لا منافاة بين القول بأنّ الأمر المتعلّق بالكلّ متعلّقٌ
وبالجملة: ظهر ممّا ذكرنا أنـّه لا منافاة بين القول بأنّ الأمر المتعلّق بالكلّ متعلّقٌ بالأجزاء لكونها عينه، مع كون كلّ جزء يعدّ واجباً غيريّاً مقدّميّاً عقليّاً؛ يعني أنّ العقل يحكم بلزوم الإتيان بالأجزاء لتحصيل الواجب وهو الكلّ، ولو لم نقل بأنّ وجوبه عين وجوب الأجزاء كما اخترناه.
أقول: بعد الوقوف على الاُمور الخمسة المذكورة والتأمّل فيها يظهر أنّ الشكّ في جزئيّة شيء للمركّب شكٌّ في قيام الحجّة عليه، لما ثبت في بعض المقدّمات بأنّ الحجّة وتوجيه الأمر نحو المركّب أمرٌ على الأجزاء بعينه، ولا فرق بينهما إلاّ بالإجمال والتفصيل؛ لأنّ المركّب ينحلّ إلى تلك الأجزاء، فما دام لم يحرز المكلّف مدخليّة شيء في المركّب، لا يعقل شمول الأمر المتعلّق للمركّب له، فكلّ ما أحرز فيه ذلك يكون معناه إحراز قيام الحجّة عليه، فيعاقب عند تركه، وكلّ ما لا يكون كذلك، يعني كلّ ما بذل العبد جهده، وأتعب نفسه لتحصيل العلم بجزئيّة أجزاء المركّب، ولم يوفّق إلاّ للوقوف على بعضها، ولم يحرز جزئيّة شيء خاص له، فلا إشكال أنـّه يعاقب على ترك المقدار المعلوم دون ترك ما هو المشكوك، لأنّ العقاب عليه عقابٌ بلا بيان، ومؤاخذة بلا برهان، وعليه فلا فرق في جريان تلك القاعدة :
بين كون الأجزاء واجبة بلا توسّط عنوان حيث لا يعاقب إلاّ بما هو معلوم.
وبين ما هو واجب بواسطة العنوان كما في المقام.
واحتمال: أنّ الحجّة قد تمّت على العنوان الإجمالي، فلابدّ من الإتيان بالأكثر حتّى يتحقّق العلم بما قامت عليه الحجّة .
مدفوع: بأنّ النسبة بين العنوان وبين المعنون إن كان من قبيل المحصِّل والمحصَّل، لكان ما ذكره واحتمله صحيحاً. لكن النسبة ليست إلاّ من قبيل العينيّة، فالشكّ فيه ليس إلاّ الشكّ في قيام الحجّة على مثل ذلك الجزء، فالمرجع حينئذٍ ليس إلاّ البراءة العقليّة دون الاشتغال.
وبالجملة: الواقف وقوفاً دقيقاً بما قلناه ـ تبعاً لسيّدنا الاُستاذ المحقّقالخميني والشيخ الأنصاري وغيرهم رحمهمالله، يستطيع دفع جميع ما قيل في ما نحن فيه من الإشكالات المتعدّدة التي يبلغ عددها ستّة أو أزيد، بل لعلّه تصل إلى تسعة، والمقام يقتضي أن نذكر كلّ واحدٍ منها، ثمّ الإشارة إلى حلّها. ولا يخفى أنّ الكلام في المقام يدور حول إثبات البراءة العقليّة للجزء المشكوك.