97/02/01
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: قال المحقّق العراقي في نهايته
قال المحقّق العراقي في نهايته:
(ولكن لا يخفى عليك فساد القول بمقدّميّة الأجزاء، فإنّ مناط مقدّميّة شيء لشيء ليس إلاّ كونه ممّا يتوقّف عليه وجود الشيء، وفي رتبة سابقة عليه بنحو يتخلّل بينهما الفاء في قولك: (وجد فوجد) على ما هو الشأن في كلّ علّة بأجزائها بالنسبة إلى المعلول، ومن الواضح استتباع ذلك للمغايرة والاثنينيّة بين المقدّمة وذيها في الوجود، علاوة عن اختلافهما مرتبةً، وإلاّ فبدونه لا يكاد يصحّ انتزاع هذا العنوان عن الشيء.
وبعد ذلك نقول: إنّه من الواضح عدم تحقّق هذا المناط بالنسبة إلى أجزاء المركّب، فإنّها باعتبار كونها عين المركّب بحسب الهويّة والوجود، لا يكاد يتصوّر فيها ملاك المقدّميّة، ولو على القول بأنّ المركّب عبارة عن الأجزاء مع وصف الاجتماع، لأنّ لازم ذلك هو دخول الأجزاء في المركّب، وعينيّة وجودها مع وجوده، غاية الأمر على نحو الضمنيّة لا الاستقلاليّة، ولازمه انتفاء ملاك المقدّميّة فيها، أعني استقلال كلّ من المقدّمة وذيها في الوجد وتقدّمها على ذيها رتبةً..) إلى آخر كلامه ممّا لا ضرورة من نقله للمقام[1] .
أقول : بعد الدقّة والتأمّل في كلامه يظهر لك عدم تماميّة استدلاله رحمهالله ، لأنـّه يرد عليه :
أوّلاً: إنّ ملاك وجود الفاء المتخلّل بين العلّة والمعلول لا علاقة له بما نحن بصدده من لزوم إثبات المقدّميّة الداخليّة لكلّ جزءٍ، لوضوح أنّ كلّ جزءٍ بخصوصه إن فرض بذاته لا يمكن أن يكون علّة للمركّب؛ لأنّ المدار في العلّة والمعلول هو دوران الأمر في الوجود والعدم بين العلّة والمعلول، والأمر بين وجود نفس الجزء والمركّب ليس كذلك، لوضوح إمكان وجوده بدون وجود الكلّ، فالقول بأنـّه علّة له غير وجيه في هذا الفرض، وإن فرض كلّ جزءٍ بوصف الاجتماع مع سائر الأجزاء، فليس مثل هذا الجزء إلاّ نفس الكلّ وعينه، فلا معنى للعليّة في العينيّة؛ لأنّ لحاظ كلّ جزء مع وصف الاجتماع والانضمام مع سائر الأجزاء، ليس إلاّ نفس الكلّ والمركّب، وعليه فملاحظة المقدّميّة في هذا الفرض غير وجيه.
وثانياً: أنّ ملاك المقدّميّة لا يلاحظ إلاّ في الجزء الذي يصير جزءً للمركّب، حيث إنّ وجود ذات الجزء يصير مقدّمة للكلّ إذا انضمّ إليه سائر الأجزاء؛ حيث إنّ التوقّف يكون على نحوٍ لو لم يتحقّق ذات الجزء خارجاً لما حصل الانضمام الموجب لتحقّق المركّب والكلّ، فليس معنى المقدّميّة إلاّ هذا المعنى، وهو موجود عقلاً في كلّ جزء، ولذلك التزمنا بأنّ العقل يحكم بوجوب إتيانه ولو لم يكن أمر الشرع المتعلّق للكلّ شاملاً له.