97/01/29
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن جريان البراءة في الأقلّ والأكثر الاستقلالي
أو يُقال بوجهٍ رابع: بأنّ متعلّق الأمر في المركّب الاعتباري، وإن كان هو المركّب والمعنون بالعنوان، إلاّ أنـّه حيث قد عرفت في بعض المقدّمات السابقة بأنّ وجوده عين وجود الأجزاء، وليس له وجودٌ مستقلّ وراء وجود الأجزاء، بل ليس المركّب إلاّ صرف الاعتبار واللّحاظ بالوحدة بين الأجزاء، فالأمر المتعلّق به ليس إلاّ عين الأمر المتعلّق بالأجزاء، فدعوة الأمر إلى إحضار المركّب دعوة إلى إحضار الأجزاء، والفارق بين المركّب والأجزاء ليس إلاّ الفارق بين المجمل والمفصّل، فالثواب المترتّب على الأجزاء عند الإطاعة وكذلك العقاب المترتّب عليها عند المخالفة، ليس إلاّ الثواب والعقاب المترتّبين على المركّب، فالبعث إلى إحضار عشرة رجال، بعثٌ إلى إحضار الرجل الأوّل والثاني والثالث وهكذا حتّى يصدق العنوان، فالحجّة الداعية إلى المركّب عبارة عن الحجّة الداعية إلى الأجزاء بعينها، فلا حاجة مع هذا الوجه إلى التمسّك في مقام الدعوة إلى حكم العقل بإتيان الأجزاء من باب المقدّمة، وإن كان حكمه بذلك صحيحاً أيضاً، وهذا هو الذي يقبله الذوق السليم المتأمّل الدقيق.
وبالجملة: ظهر من خلال ما ذكرنا أنّ مصبّ الأمر في الحقيقة ليس إلاّ على العنوان المركّب دون ذات الأجزاء المردّدة بين الأقلّ والأكثر، فالبعث نحو الأكثر بعثٌ نحو الأفراد المنظوية تحت العنوان، لما ثبت أنّ العنوان ملحوظ فيه الوحدة، وإن كان التعبير بالأقلّ والأكثر قد يوهم كون متعلّق الحكم هو ذوات الأجزاء، وأنّ الواجب بذاته مردّد بين الأقلّ والأكثر، إلاّ أنّ حقيقة الأمر ليس كذلك، بل المتعلّق ليس إلاّ العنوان والمركّب وهو وحداني لا كثرة فيه كما لا يخفى .
الأمر الخامس: في أنّ الأجزاء في المركّبات الاعتباريّة، هل فيها ملاك المقدّمية للمركّب، أم ليست إلاّ نفس المركّب من دون وجود الملاك فيها، لأنـّها عين الكلّ فلا وجه لفرض وجود الملاك فيها؟
أقول: الذي يظهر من كلمات القوم ومحقّقيهم في مبحث تقسيم مقدّمة الواجب إلى الداخليّة والخارجيّة، أنّ الأجزاء بعينها مع الكلّ والمركّب معدودة من قبيل القسم الأوّل أي المسمّى بالأجزاء والمقدّمات الداخليّة.
خلافاً لجماعة اُخرى من المحقّقين من التزامهم بعدم إمكان ذلك، وأنـّه لا يمكن الجمع بين القول بأنّ الأجزاء هي عين الكلّ مع كونها مقدّمة له، فلا بأس أوّلاً من استعراض دليلهم على المنع، ثمّ المناقشة معهم،فنقول ومن اللهالاستعانة: