97/01/22
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن جريان البراءة في الأقلّ والأكثر الارتباطي
ويعدّ هذا البحث من أنفع المباحث الاُصوليّة لشدّة الحاجة إليه في المباحث الفقهيّة التي لأجلها قد أسّس هذا العلم، كما اُشير إليه في أصل تعريفه، ولذلك لا عتب علينا لو أرخنا عنان الكلام وأطلنا البحث عنه بالنقض والإبرام بعون الله الملك العلاّم، فنقول ومن الله التوفيق وعليه التكلان:
والترديد بين الأقلّ والأكثر يكون كثيراً؛ لأنـّه :
تارةً: يكون في نفس متعلّق التكليف من الفعل أو الترك المطالب به.
واُخرى: يكون في موضوعه فيما إذا كان التكليف متعلّقاً بالموضوع الخارجي.
وثالثة: يكون في السبب والمحصّل الشرعي أو العقلي أو العادي.
وعلى جميع التقادير:
تارةً: يكون الأقلّ والأكثر من قبيل الجزء والكلّ.
واُخرى: يكون من قبيل الشرط والمشروط.
وثالثة: من قبيل الجنس والنوع.
ثمّ ما كان من قبيل الشرط والمشروط:
تارةً: يكون منشأ انتزاع الشرطيّة أمراً خارجاً عن المشروط، مبايناً له في الوجود كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة.
واُخرى: يكون داخلاً في المشروط، متّحداً معه في الوجود، كالإيمان بالنسبة إلى الرقبة.
وفي جميع هذه الأقسام:
تارةً: يكون الأقلّ والأكثر ارتباطيّاً كما هو المقصود.
واُخرى: استقلاليّاً.
وعلى التقديرين :
تارةً: تكون الشبهة وجوبيّة.
واُخرى: تكون الشبهة تحريميّة.
ومنشأ الشبهة: إمّا لفقدان النصّ، أو لإجماله، أو لتعارض النصّين، وإمّا للاشتباه في الموضوع الخارجي .
فهذه جملة الأقسام المتصوّرة في باب الأقلّ والأكثر، ولابدّ أن نتعرّض لأحكامها خصوصاً في الارتباطي منها، وإن كان البحث في بعضها متّحداً من جهة الحكم مع بعض آخر، كما سيتّضح لك إن شاء الله تعالى، والأولى أن نجمع البحث هنا في مقامات ثلاثة:
تارةً: في الجزء والكلّ؛ أي في المركّبات الخارجيّة.
واُخرى: في الشرط والمشروط وفي الجنس والنوع؛ أي المركّبات الاعتباريّة.
وثالثة: في الأسباب والمحصّلات الشرعيّة وغيرها.
تمام ذلك في الشبهات الحكميّة .
ثمّنتبعهابالشبهاتالموضوعيّة،وملاحظهكلّواحدٍمنهامنحيثالبراءة والاشتغال.
أمّا الكلام في المقام الأوّل: ـ أي المركّبات الخارجيّة الارتباطيّة ـ فقد وقع الخلاف بين الأعلام في جريان البراءة وعدمها:
1 ـ ذهب جماعة من الاصوليّين ـ خصوصاً المتقدّمين منهم ـ إلى عدم جريان البراءة مطلقاً لا فعليّة ولا عقليّة.
2 ـ وذهب جماعة اُخرى إلى جريانها مطلقاً، كما عن شيخنا الأنصاري ومن تبعه كالمحقّق العراقي والخميني والخوئي رحمهمالله.
3 ـ وذهب جماعة ثالثة إلى التفصيل بين النقليّة بجريانها دون العقليّة، كما التزم به المحقّق الخراساني والنائيني.