97/01/14
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: البحث عن الشكّ بين الأقلّ والأكثر
المقام الثاني: ويدور البحث فيه عن الأقلّ والأكثر، وهما على قسمين: الأقلّ والأكثر الاستقلاليين، والأقلّ والأكثر الارتباطيّين.
وحيث أنّ بيان حكم كلّ واحدٍ منهما منوطٌ بوضوح الفرق بينهما، فلا بأس بذكر مقدّمات موضحة للمقصود، ثمّ الدخول في تقسيماتها:
المقدّمة الاُولى: في بيان وجه الفرق بينهما:
نقل المحقّق الخميني في «تهذيب الاُصول» عن بعض الاُصوليّين بأنّ ملاك الفرق بينهما إنّما هو في وحدة التكليف وكثرته.
فأورد عليه: بأنّ كثرته ووحدته كانباعتبار وحدهالغرضالباعثعلىالتكليف وكثرته، فلا معنى لجعل المتأخّر عن الملاك الواقعي ملاكاً لتمييزهما، فتدبّر.
ثمّ تصدّى قدسسره إلى بيانه وقال: (إنّه أوضح من أن يخفى، فإنّ الأقلّ في الاستقلالي مغايرٌ للأكثر غَرضاً وملاكاً وأمراً وتكليفاً، كالفائتة المردّدة بين الواحد وما فوقها، والدَّين المردّد بين الدرهم والدرهمين، فهنا أغراضٌ وموضوعات وأوامر وأحكام على تقدير وجوب الأكثر، ومن هنا يعلم أنّ إطلاق الأقلّ والأكثر عليهما بضربٍ من المسامحة والمجاز، وباعتبار أنّ الواحد من الدرهم أقلّ من الدرهمين وهو كثير، وإلاّ فلكلّ تكليفٍ وبعثٍ بحياله.
وأمّا الارتباطي فالغرض قائمٌ بالأجزاء الواقعيّة، فلو كان الواجب هو الأكثر، فالأقلّ خالٍ عن الغرض والبعث عن رأس، فوزانه في عالم التكوين كالمعاجين، فإنّ الغرض والأثر المطلوب قائمٌ بالصورة الحاصلة من تركيب الأجزاء الواقعيّة على ما هي عليها، ولا تحصل الغاية إلاّ باجتماع الأجزاء عامّة بلا زيادة ولا نقيصة، كما هو الحال في المركّبات الاعتباريّة أيضاً، فلو تعلّق غرضُ المَلِك على ارعاب القوم وخُصمائه يأمر بعرض الجنود والعساكر، فإنّ الغرض لا يحصل إلاّ بإرائة صفوفٍ من العساكر لا إرائة جندي واحد.
ومن ذلك يظهر أنّ ملاك الاستقلاليّة والارتباطيّة باعتبار الغرض القائم بالموضوع قبل تعلّق الأمر، فإنّ الغرض قد يقوم بعشرة أجزاء وقد يقوم بأزيد منها)، انتهى كلامه [1] .