96/12/21
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الجواب عمّا قد يتوهّم بالنسبة إلى حكم الشبهة الوجوبيّة
التنبيه الثالث: لو كانالمعلومبالإجمالمركّباًمنأمرينمترتّبينشرعاًكالظهرين المردّد بين الجهات الأربع عند اشتباه القبلة، أو اشتباه الثوبين بالنجاسة، فلا إشكال في أمرين هما:
عدم جواز استيفاء جميع محتملات العصر قبل استيفاء جميع محتملات الظهر، للعلم بفوات الترتيب حينئذٍ.
كما لا إشكال في عدم جواز فعل العصر إلى جهةٍ غير ما فعل الظهر إليها لفوات الترتيب أيضاً .
إنّما الخلاف في الأمر الثالث وهو أنـّه هل عليه أن يأتي جميع محتملات الظهر، ثمّ يلحق بها العصر بجميع محتملاته، أم يصحّ إتيانهما في كلّ جهةٍ متعاقبة؟
فيه وجهان، بل قولان:
ذهب إلى الأوّل المحقّق النائيني حيث قال: (إنّ الأقوى اعتبار الامتثال التفصيلي مع التمكّن منه، وعليه يجب تأخير محتملات العصر عن جميع محتملات الظهر).
أمّا القول الثاني فقد اختاره وتبنّاه المحقّق العراقي والخميني ـ وهو الحقّ ـ وذهبا إلى جواز كلا التقديرين.
أقول: المسألة مبتنيّة على أنـّه هل يعتبر في امتثال صلاة العصر وحال إتيانه العلم بفراغ ذمّته عن الظهر، أم يكفي حصول العلم بالفراغ ولو بعد إتيان جميع المحتملات، فلا يلزم وجود هذا العلم في كلّ صلاة عند إتيانه؟
والفرق بين الصورتين واضح، لأنّ الذي يقوم بأٍداء صلاة العصر بعد إتيان جميع المحتملات للظهر يكون قاطعاً بوجود الترتيب في كلّ صلاةٍ ولو لم يعلم صحّة عصره، لاحتمال كونه إلى غير جهة القبلة، لكنّه ليس من جهة احتمال الخلاف في الترتيب، بل كان من جهة الخلاف في القبلة، هذا بخلاف ما لو أتى بالعصر في كلّ جهةٍ عقيب الظهر، حيث لا يعلم حال الإتيان كونه مترتّباً على الظهر، لاحتمال كون الظهر إلى غير جهة القبلة، فالمكلّف حال الاشتغال بكلّ واحدٍ منها، كما يكون جاهلاً بالقبلة، يكون جاهلاً بالترتيب في وقوع العصر عقيب الظهر الواقعي.
هذا، ولكن الإنصاف صحّة كلا الفرضين؛ لأنّ العصر في كلتا الصورتين واقع بعد الظهر واقعاً في جهة القبلة، فكما لا يكون الظهر في بعض الجهات إلى القبلة فلا يكون ظهراً، فكذلك لا يكون العصر الذي هو كذلك عصراً، فكما أنّ الصلاة في الظهر إلى جهةِ القبلة واجدٌ لشرط القبلة، فكذلك واجدٌ لشرط الترتيب أيضاً، وهو يكفي في صحّة إلحاق العصر بها، فالتفاوت ليس إلاّ في تأخير العلم بحصول الترتيب والقبلة، حيث إنّه على الأوّل يقطع بحصول الظهر إلى جهة القبلة، ثمّ يأتي بالعصر المترتّب عليه، بخلاف الثاني حيث كان العلم بحصول القبلة والترتيب بالعكس، أي يقطع بوجود الترتيب في كلّ صلاة، إلاّ أنـّه لا يعلم وقوعهما إلى القبلة إلاّ بعد أداءه الصلاة إلى أربع جهات، وذلك لا يوجب التفاوت فيما هو المهمّ كما لا يخفى .
هذا آخر ما أردنا بحثه في الشكّ في المكلّف به في المقام الأوّل وهو الشكّ في المتباينين.