درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

96/12/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تنبيهات باب البراءة

 

أقول: وبما ذكرناه يظهر أنّ وجه حكم الحلّي رحمه‌الله بسقوط الشرط، ليس بلحاظ الجزم في النيّة، لأنـّه لا يجري ذلك في ضيق الوقت الذي لا يساعد الوقت إلاّ بإتيان صلاة واحدة، وبرغم ذلك حكم بلزوم إتيان الصلاة عارياً، فليس هذا إلاّ بلحاظ أنـّه يرى لزوم الإتيان بالشرط مع العلم تفصيلاً به، وإلاّ فلا يجب، نظير الأذان والإقامة في قضاء الصلوات إذا علم أوّلهنّ كما ورد كذلك في الحديث، وإلاّ لا معنى للإلزام بذلك في أوّلهنّ كما في الحديث، ولذلك أفتى المشهور في ضيق الوقت وانحصار الساتر بالثوب النجس، بالصلاة عارياً، بإلغاء شرطيّة الستر حينئذٍ دون مانعيّة النجاسة؛ لأنّ الشرط له بدل وهو الصلاة عرياناً لو لم يكن هناك ناظر محترم، وإلاّ عليه أن لا يركع ولا يسجد بل يأتي بصورة الانحناء بقدر الإمكان، حتّى لا تنكشف عورته للناظر المحترم حين انحناءه للركوع والسجود، وتحقيق الكلام فيه أزيد من هذا موكولٌ إلى كتاب الفقه .

التنبيه الثاني: في أنـّه لا إشكال في أنّ الامتثال في الشبهة البدويّة الوجوبيّة في باب العبادات، إنّما يكون ويحصل بإتيان العمل‌باحتمال‌المطلوبيّة والمحبوبيّة، وهذا ثابت لا نقاش فيه، إنّما الكلام عن أنـّه هل يصحّ ذلك في الشبهة الوجوبيّة في أطراف العلم الإجمالي أم لا يصحّ، بل لابدّ من قصد المعلوم بالإجمال الذي يعدّ هو متعلّقاً للأمر، بحيث لو أراد الإتيان بأحد المحتملين، لابدّ أن يكون في صدق امتثاله من ضمّ قصد امتثال المحتمل الآخر، فلو أتى بأحدهما من دون ضميمة هذا القصد، لما صدق الامتثال حتّى بالنسبة ما أتى به من أحد المحتملين؟

الذي يظهر من الشيخ قدس‌سرهذهابه إلى الثاني، خلافاً لجماعة من المحقّقين كالنائيني والعراقي والخميني، حيث لم يعتبروا ذلك شرطاً في صدق الامتثال، وهو الحقّ .

وقال المحقّق النائيني في توجيه مختاره:

(إنّ العلم بتعلّق الأمر بأحد المحتملين لا يوجب فرقاً في كيفيّة النيّة في الشبهات، فإنّ الطاعة والامتثال في كلّ من المحتملين ليست إلاّ احتماليّة، كما إذا لم يعلم بتعلّق الأمر بأحدهما وكانت الشبهة بدويّة، إذ المكلّف لا يمكنه أزيد من قصد امتثال الأمر الاحتمالي عند الإتيان بكلّ من المحتملين، وليس المحتملان بمنزلة فعلٍ واحد مرتبط الأجزاء حتّى يقال العلم بتعلّق التكليف بالفعل الواحد يقتضي قصد امتثال الأمر المعلوم... إلى آخر ما في كلامه).

وفيه: لا يخفى وضوح الفرق بين الموردين حيث إنّ الدّاعي في الشبهة البدويّة ليس إلاّ داعياً واحداً وهو احتمال تعلّق الأمر به، واحتمال محبوبيّة، هذا بخلاف المسببيّة في العلم الإجمالي، حيث أنّ فيه داعيان أحدهما امتثال الأمر المعلوم في البين، والثاني تطبيق ذلك الأمر على كلّ واحدٍ من المحتملين مقدّمةً للفراغ، فدعوى عدم الفرق بينهما ممنوعة.

هذا، فضلاً عن أنـّه لا يعتبر في صحّة العمل العبادي إلاّ إتيانه بقصد القربة، مع كونه لو انطبق الأمر الواقعي عليه كان واجداً للشرائط وفاقداً للموانع، سواء ضمّ إلى قصده امتثال الأمر إتيان المحتمل الآخر أم لم يضمّ، وهذا المعنى حاصلٌ في الإتيان بأحد المحتملين في أطراف العلم الإجمالي، فلا دليل لنا على لزوم أزيد من ذلك في صحّة العبادة، كما لا يخفى.

كما لا دليل لنا على لزوم الجزم في النيّة بكون العمل مستتبعاً للأمر المعلوم بالإجمال الموجود في البين، وهذا يقتضي أنـّه لو قام بأداء العمل وكان حال الامتثال غافلاً عن كونه من أحد أطراف المعلوم بالإجمال، صدر الفعل صحيحاً لو أتى به على قصد القُربة .